للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالأخرى فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد رأى ابن الأكوع فزعا" فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال "شاهت الوجوه" فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين.

-[المعنى العام]-

في النصف الأول من رمضان على رأس ثمان سنين ونصف السنة من وصول النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا إلى المدينة سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة لفتحها بدأ خروجه من المدينة ومعه عشرة آلاف وانضم إليهم في الطريق من قبائل العرب المسلمين ألفان. جيش عظيم جرار فتح الله به مكة دون قتال يذكر وقبل أن ينعم المسلمون بهذا الفتح العظيم بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن مالك بن عوف النضري جمع القبائل الكافرة القريبة من مكة وعلى رأسها هوازن ووافقهم الثقفيون أهل الطائف وتجمعوا في حنين لمحاربة المسلمين وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن هوازن خرجت بنسائهم وذراريهم ونعمهم وشائهم خرجوا إما للفناء على بكرة أبيهم وإما للحياة العزيزة بعد هزيمة المسلمين فندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وجيشه للتحرك نحو تجمعاتهم في حنين وتحرك الجيش جيش لا يكاد يرى أوله أو آخره جيش الفتح ومن انضم إليهم من أهل مكة من مسلميها والطلقاء والمنافقين والمؤلفة قلوبهم جيش يغتر أهله بكثرته حتى قال أحدهم: لن نغلب اليوم عن قلة جيش كثير العدد حقا لكن تداخله شبان لا يجيدون القتال ولا يصبرون على حره وشدته ولم يتمرسوا عليه ولم يستعدوا له خرجوا مكشوفي الصدور دون دروع مكشوفي الرءوس دون مغافر خرجوا يحسبونها نزهة يعودون بعدها بالغنائم الكثيرة خرجوا لا يحسنون الرمي ولا كيف يتقنونه كما تداخله بعض المسلمين حديثا من المؤلفة قلوبهم من مسلمة الفتح لا يقاتلون عن عقيدة ثابتة ولا تعنيهم التضحية في سبيل الله ولا يحرصون على الشهادة.

جيش كثير العدد حقا لكنه يهاجم قوما أدرى بشعابهم ووديانهم وهو لا يعرف طبيعة أرضهم يهاجم قوما سيستميتون في الدفاع عن وطنهم وأرضهم وشرفهم وكبريائهم وأولادهم ونسائهم وهم مع ذلك يجيدون القتال ورمي النبال والكر والفر والهجوم والخديعة وقد تحصنوا في وديانهم ومنعطفات جبالهم قوم صفوا نفوسهم كالبنيان الفرسان ثم المشاة ثم النساء ثم الأطفال ثم النعم والشياه ونزل المسلمون إلى الوديان المجهولة في عماية الغلس ومع ذلك التقوا بالكفار وقاتلوهم وأزالوهم عن مواقعهم وحسبوا أن المعركة قد انتهت فانكبوا على الغنائم يجمعون الإبل والشاة والنساء والذراري فجأة كانت الخديعة التي أعدها الكفار وهوازن فاستقبلوا المسلمين بنبال كأسراب الجراد كثيرة متتالية كلها تصيب لا تكاد نبل تخطئ إصابة أصابت المفاجأة المسلمين

<<  <  ج: ص:  >  >>