للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالهول والذهول والفزع والارتباك والتفكك فولوا الأدبار منهزمين واتجهوا فرارا إلى الشعاب المختلفة متناثرين ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الموقف وهو على بغلته البيضاء فنادى بصوت مرتفع: يا للمهاجرين؟ فسمع الرد من بعيد: لبيك يا رسول الله نحن معك نادى: يا معشر الأنصار فسمع الإجابة المتناثرة من بعيد: لبيك يا رسول الله نحن معك قال: يا عباس -وهو يمسك رأس بغلته: يا عباس ناد أصحاب الشجرة شجرة الرضوان الذين بايعوا الله ورسوله على الجهاد حتى النصر فنادى: يا أصحاب الشجرة فكانت الإجابة: يا لبيك يا لبيك وكاد الكفار يحيطون بالنبي صلى الله عليه وسلم وابن عمه الحارث بن عبد المطلب يشارك عمه العباس في قيادة بغلة الرسول صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدفعها إلى الأمام نحو الكفار وهو يقول:

أنا النبي لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

والعباس والحارث يكفونها عن الإقدام خوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع نداء كل مجموعة لأفرادها الأنصار ينادون الأنصار والمهاجرون ينادون المهاجرين والأوس ينادون الأوس والخزرج ينادون الخزرج وتجمع المتفرقون وعاد الفارون المنهزمون وكر المسلمون على قتال الكافرين وحمى الوطيس واشتد البأس فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته وأخذ شيئا من حصى الأرض وترابها ورماها نحو الأعداء وقال: شاهت وجوه الكفار ثم دعا ربه وطلب نصره: اللهم أنزل نصرك الذي وعدتني فما هي إلا جولة قصيرة حتى انهزم الكافرون وولوا الأدبار واستولى المسلمون على الغنائم الكثيرة التي لم يسبق لهم مثلها وقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المجاهدين من المهاجرين والمؤلفة قلوبهم وبعد أيام جاءت هوازن مسلمين يرجون استعادة أموالهم ونسائهم وذراريهم فأعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم نساءهم وأولادهم وفي هذه الغزوة يقول الله تعالى {ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين* ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين} [التوبة: ٢٥ وما بعدها].

-[المباحث العربية]-

(حنين) بضم الحاء وفتح النون مصغر واد إلى جنب ذي المجاز بين مكة والطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات قيل: سمي باسم حنين بن قابئة بن مهلائيل وهو مصروف كما جاء في القرآن الكريم.

(شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين) أي شهدت وقعة وغزوة حنين.

(فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم) المراد من الملازمة المصاحبة المتصلة على الهيئة التي سيذكرها فقوله "فلم نفارقه" تأكيد وأبو سفيان هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>