(تقدمت فأعلو ثنية) أي فعلوت ثنية ولكنه عبر عن الماضي بالمضارع لاستحضار الصورة والثنية بفتح الثاء وكسر النون بعدها ياء مشددة مفتوحة وبكسر الثاء وسكون النون وفتح الياء مخففة الطريق في الجبل.
(فأرميه بسهم) أي فرميته بسهم.
(ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى) غير التي توارى فيها الرجل وغير المتوقعة.
(فأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا) أي فرجعت ووليت منهزما والبردة كساء مخطط يلتحف به والإزار ثوب يحيط بالنصف الأسفل من البدن يقال: ائتزر واتزر لبس الإزار والرداء الثوب يستر النصف الأعلى من البدن ويقال: ارتدى الرداء وبالرداء لبسه ومعنى "استطلق إزاري" أي انحل وتحرر من قيده من شدة الخوف والعدو ومعنى "فجمعتهما جميعا" أي جمعت إزاري على ردائي وجعلتهما رداءين مع ارتخائهما بحيث يستران العورة ومثل هذا المنظر الذي لا يؤتزر فيه ولا يستر الإزار نصف الساق مظهر من مظاهر الهلع ولذا قال صلى الله عليه وسلم "لقد رأى ابن الأكوع فزعا".
(وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين) أي من انهزم وفر ثم عاد ومن ثبت ولم يفر.
وكانت الغنائم كثيرة كانت الإبل أربعة وعشرين ألفا والغنم أربعين ألف شاة والأنفس ستة آلاف نفس من النساء والأطفال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بجمع الغنائم هذه وحبسها بالجعرانة حتى يرجع من حصار الطائف فلما رجع من الطائف قسمها في المهاجرين والمؤلفة قلوبهم والطلقاء الذين من عليهم يوم الفتح ولم يعط الأنصار منها شيئا ولم يمض وقت طويل والمسلمون بالجعرانة حتى أسلمت هوازن وجاء وفدها يطلب إعادة الغنائم فخيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الأموال وبين السبي فاختاروا السبي وسيأتي مزيد لذلك في فقه الحديث.
-[فقه الحديث]-
يقول الطبري: الانهزام المنهي عنه هو ما وقع على غير نية العود وأما الاستطراد للكثرة فهو كالتحيز إلى فئة. اهـ. ويقول الحافظ ابن حجر: والعذر لمن انهزم من غير المؤلفة قلوبهم أن العدو كانوا ضعفهم في العدد وأكثر من ذلك.
وقد وردت روايات في المنهزمين والتائبين والمعلوم أن جيش المسلمين كان يزيد على عشرة آلاف وقد روى الترمذي من حديث ابن عمر بإسناد حسن أنه لم يبق مع الرسول صلى الله عليه وسلم مائة رجل" قال الحافظ: وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين وروى أحمد والحاكم عن عبد الله بن