الأقوام] "فقال": [سأطلب لكم وقد وقعت المقاسم]" معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال وقد كنت استأنيت بكم -وكان أنظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف- فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا: فإنا نختار سبينا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال: أما بعد فإن إخوانكم قد جاءونا تائبين وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل فقال الناس: قد طيبنا ذلك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم طيبوا وأذنوا".
وفي رواية "فمن أحب منكم أن يعطي غير مكره فليفعل ومن كره أن يعطي فعلى فداؤهم فأعطى الناس ما بأيديهم إلا قليلا من الناس سألوا الفداء".
وفي رواية "فقال المهاجرون: ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم -وقالت الأنصار كذلك وقال الأقرع بن حابس: أما أنا وبنو تميم فلا وقال عيينة: أما أنا وبنو فزارة فلا وقال العباس بن مرداس: أما أنا وبنو سليم فلا فقالت بنو سليم: بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ست فرائض -الفريضة من الدواب المسنة- من أول فيء نصيبه فردوا إلى الناس نساءهم".
-[يؤخذ من الحديث]-
١ - من موقف العباس وأبي سفيان عطف الأقارب بعضهم على بعض عند الشدائد وذب بعضهم عن بعض.
٢ - قيل في إهداء فروة بن نفاثة البغلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقبوله صلى الله عليه وسلم الهدية قبول هدية الكافر قال النووي: فإن قيل: هذا مع الحديث الآخر "هدايا العمال غلول" ومع حديث ابن اللتبية عامل الصدقات وفي الحديث الآخر "أنه رد بعض هدايا المشركين وقال: إنا لا نقبل زبد المشركين" أي رفدهم فكيف يجمع بين هذه الأحاديث؟ قال القاضي: قال بعض العلماء: إن هذه الأحاديث ناسخة لقبول الهدية وقال الجمهور: لا نسخ بل سبب القبول أن النبي صلى الله عليه وسلم مخصوص بالفيء الحاصل بلا قتال بخلاف غيره فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ممن طمع في إسلامه وتأليفه لمصلحة يرجوها للمسلمين وكافأ بعضهم ورد هدية من لم يطمع في إسلامه ولم يكن في قبولها مصلحة لأن الهدية توجب المحبة والمودة وأما غير النبي صلى الله عليه وسلم من العمال والولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند جمهور العلماء فإن قبلها كانت فيئا للمسلمين فإنه لم يهدها إليه إلا لكونه إمامهم وإن كانت من قوم هو محاصرهم فهي غنيمة قال القاضي: وهذا قول الأوزاعي ومحمد بن الحسن وابن القاسم وابن حبيب وبعض أهل العلم وقال آخرون هي للإمام خالصة قاله أبو يوسف وأشهب وسحنون وقال الطبري: إنما رد النبي صلى الله عليه وسلم من هدايا المشركين ما علم أنه أهدى