له في خاصة نفسه وقبل ما كان خلاف ذلك مما فيه استئلاف المسلمين.
قال: ولا يصح قول من ادعى النسخ قال: وحكم الأئمة إجراؤها مجرى مال الكفار من الفيء أو الغنيمة بحسب اختلاف الحال وهذا معنى "هدايا العمال غلول" أي إذا خصوا بها أنفسهم لأنها لجماعة المسلمين بحكم الفيء والغنيمة قال القاضي: وقيل: إنما قبل النبي صلى الله عليه وسلم هدايا كفار أهل الكتاب ممن كان على النصرانية كالمقوقس وملوك الشام فلا معارضة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم" لا يقبل زبد المشركين" وقد أبيح لنا ذبائح أهل الكتاب ومناكحتهم بخلاف المشركين عبدة الأوثان.
قال النووي: وقال أصحابنا: متى أخذ القاضي أو العامل هدية محرمة لزمه ردها إلى مهديها فإن لم يعرفه وجب عليه أن يجعلها في بيت المال. والله أعلم.
٣ - ومن ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة إشارة إلى مزيد الثبات لأن ركوب الفرس مظنة الاستعداد للفرار والتولي قال النووي: فركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة -وهي أضعف من الفرس- في موطن الحرب وعند اشتداد الناس هو النهاية في الشجاعة والثبات وإذا كان رأس الجيش قد وطن نفسه على عدم الفرار وأخذ بأسباب ذلك كان ذلك أدعى لأتباعه على الثبات وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك عمدا وإلا فقد كانت له أفراس معروفة.
٤ - ومن ثباته صلى الله عليه وسلم شجاعته في الحروب والشدائد ففي هذا الحديث أنه كان يركض بغلته نحو الكفار وقد فر الناس وأنه نزل إلى الأرض حين غشوه وهذه مبالغة في الثبات والشجاعة والصبر -وقيل: فعل ذلك مواساة لمن كان نازلا على الأرض من المسلمين وقد أخبر البراء في هذا الحديث أن الشجاع من الصحابة هو الذي يحاذي برسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أشجع منه وأنهم كانوا يتقون به ويحتمون فيه وأخبار الصحابة بشجاعته صلى الله عليه وسلم كثيرة.
٥ - ومن موقفه هذا صلى الله عليه وسلم جواز التعرض إلى الهلاك في سبيل الله ولا يقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم متيقنا للنصر لوعد الله تعالى له بذلك وهو حق لأن أبا سفيان بن الحارث قد ثبت معه آخذا بلجام بغلته وليس هو في اليقين مثل النبي صلى الله عليه وسلم وقد استشهد في تلك الحالة أيمن ابن أم أيمن.
٦ - وفي الحديث معجزة الحصى.
٧ - وفي جواب البراء حسن الأدب في الخطاب والإرشاد إلى حسن السؤال بحسن الجواب.
٨ - وفيه ذم الإعجاب.
٩ - ومن قوله "أنا ابن عبد المطلب" جواز الانتساب إلى الآباء ولو ماتوا في الجاهلية والنهي عن ذلك محمول على ما هو خارج الحرب قال النووي: فإن قيل: كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد الطلب؟ فانتسب إلى جده دون أبيه وافتخر بذلك؟ مع أن الافتخار في حق أكثر الناس من عمل الجاهلية؟ فالجواب أنه صلى الله عليه وسلم كانت شهرته بجده أكثر لأن أباه عبد الله توفي