عليهم قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا مكرز وهو رجل فاجر وجعل يكلم النبي صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب أن يبعث إلى قريش رجلا يخبرهم بأنه إنما جاء معتمرا فبعث عثمان وأمره أن يبشر المستضعفين من المؤمنين بالفتح القريب فتوجه عثمان وأجاره أبان بن سعيد بن العاص وبعثت قريش سهيل بن عمرو ليعقد عنهم صلحا مع محمد صلى الله عليه وسلم -فجاء وكانت قصة الحديث الذي نحن بصدد شرحه.
فلما انتهوا من كتابة الصلح بلغ المسلمين أن عثمان قتل فاحتفظوا بسهيل رهينة وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة على القتال وعلى أن لا يفروا فبلغهم بعد ذلك أن الخبر باطل ورجع عثمان.
(كتب علي بن أبي طالب الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية فكتب)"كتب" الأولى فيها مجاز المشارفة ليصح ترتيب وتعقيب "كتب" الثانية عليها أي أشرف على الكتابة فكتب كما نقول: توضأ فغسل .. " وخطب فقال كذا وكذا ونحوه في الرواية الثانية "لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية -أي من المشركين- كتب علي كتابا" على أن الكتاب هو الصلح.
وقد جاء عند عمر بن شيبة "أن كاتب الصلح هو محمد بن مسلمة قال الحافظ ابن حجر: ويجمع بأن أصل كتاب الصلح بخط علي كما هو في الصحيح ونسخ مثله محمد بن مسلمة لسهيل بن عمرو.
(هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) الطرف الثاني للمكاتبة محذوف والتقدير: هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين أو أهل مكة وفي الرواية الثالثة "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله" أي أهل مكة قال النووي: قال العلماء: معنى "قاضى" هنا "فاصل وأمضى أمره" ومنه: قضى القاضي أي فصل الحكم وأمضاه ولهذا سميت تلك السنة عام المقاضاة وعمرة القضية وعمرة القضاء وكله من هذا وغلطوا من قال: إنها سميت عمرة القضاء لقضاء العمرة التي صد عنها لأنه لا يجب قضاء المصدود عنها إذا تحلل بالإحصار وقيل غير ذلك وسيأتي مزيد لهذا في فقه الحديث.
(فقالوا: لا تكتب "رسول الله") القائل واحد وهو سهيل بن عمرو كما هو واضح من الرواية الرابعة فقد كان مبعوث قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعقد بينه وبينهم الصلح نائبا عنهم فنسب الصلح والقول إليهم لرضاهم به وتفويضهم إياه وفي الرواية الثالثة "صالحه أهل مكة" وفي الرواية الرابعة "أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم وفيهم سهيل بن عمرو" وذكر ابن إسحق أن قريشا بعثت للصلح بديل بن ورقاء مع سهيل بن عمرو ولكن مضى قريبا نقلا عن رواية البخاري أن بديل بن ورقاء كان رسول قريش في نفر من خزاعة في المراسلات والمفاوضات السابقة على الصلح لكن يحتمل أنه عاد مرة ثانية مع سهيل