(خرجت أنا وأبي حسيل) بضم الحاء وفتح السين ويقال له أيضا "حسل" بكسر الحاء وسكون السين وهو والد حذيفة فهو هنا بدل من "أبي" مرفوع وليس كنية وكأنه قال: خرجت أنا ووالدي حسيل واليمان لقب لحذيفة قال النووي: والمشهور في استعمال المحدثين أنه اليمان بالنون من غير ياء بعدها وهي لغة قليلة والصحيح اليماني بالياء وكذا عمرو بن العاصي والمشهور للمحدثين حذف الياء والصحيح إثباتها والمراد أنهما خرجا من المدينة إلى منطقة الكفار وأرادا العودة إلى المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر.
(فأخذوا منا عهد الله وميثاقه) لفظ العهد مشترك لفظي بين معان كثيرة منها الزمان والمكان فيقال: قريب عهد بجاهلية وعهدي بهذا المكان كذا ومنها الذمة والصحة والميثاق والأيمان والنصيحة والوصية والمطر وقال الراغب: العهد حفظ الشيء ومراعاته ومن هنا قيل للوثيقة عهدة ويطلق عهد الله على ما فطر عليه عباده من الإيمان به عند أخذ الميثاق ويراد به أيضا ما أمر به في الكتاب والسنة مؤكدا وما التزمه المرء من قبل نفسه كالنذر.
والمراد به هنا اليمين أو قولهم: على عهد الله أو الالتزام مؤكدا باليمين.
(لننصرفن إلى المدينة) لا إلى بدر للقتال.
(فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) ببدر.
(انصرفا) من ميدان القتال ببدر إلى المدينة.
-[فقه الحديث]-
في هذا الحديث نقطتان أساسيتان: الأولى الكذب في الحرب والثانية الوفاء للمشركين بالعهد.
أما عن النقطة الأولى فقال النووي: في هذا الحديث جواز الكذب في الحرب وإذا أمكن التعريض فهو أولى ومع هذا يجوز الكذب في الحرب. اهـ.
وأخرج الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد مرفوعا "لا يحل الكذب إلا في ثلاث: يحدث الرجل امرأته ليرضيها والكذب في الحرب وفي الإصلاح بين الناس" وعند مسلم والنسائي "ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس: إنه كذب إلا في ثلاث .. " فذكرها.
قال الطبري: ذهبت طائفة إلى أن الثلاث المذكورة كالمثال وقالوا: الكذب المذموم إنما هو فيما فيه مضرة أو ما ليس فيه مصلحة وقال آخرون: لا يجوز الكذب في شيء مطلقا وحملوا الكذب المراد في الحديث المرخص على التورية والتعريض قال ابن بطال: سألت بعض شيوخي عن معنى هذا الحديث فقالوا: الكذب المباح في الحرب ما يكون من المعاريض لا التصريح بالتأمين مثلا وقال المهلب: لا يجوز الكذب الحقيقي في شيء