غطفان بنحو ذلك فلما أصبح أبو سفيان بعث عكرمة بن أبي جهل إلى بني قريظة بأنا قد ضاق بنا المنزل ولم نجد مرعى فاخرجوا بنا حتى نناجز محمدا فأجابوهم: إن اليوم يوم السبت ولا نعمل فيه شيئا ولا بد لنا من الرهن منكم لئلا تغدروا بنا فقالت قريش لبعضها: هذا ما حذركم نعيم فراسلوهم ثانيا أن لا نعطيكم رهنا فإن شئتم أن تخرجوا فافعلوا فقالت قريظة: هذا ما أخبرنا نعيم. فكان ذلك من أسباب خذلانهم ورحيلهم.
وأخرج الإمام أحمد من حديث أبي سعيد قال:"قلنا يوم الخندق: يا رسول الله هل من شيء نقوله؟ قد بلغت القلوب الحناجر. قال: نعم اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا قال: فضرب الله وجوه أعدائنا بالريح فهزمهم الله عز وجل بالريح" قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا}[الأحزاب: ٩] قال مجاهد: سلط الله عليهم الريح فكفأت قدورهم ونزعت خيامهم حتى أظعنتهم وعند البيهقي في الدلائل "بعث الله عليهم الريح فما تركت لهم بناء إلا هدمته ولا إناء إلا أكفأته وحملت قريش أمتعتها وإن الريح لتغلبهم على بعض أمتعتهم.
وكانت مدة الحصار عشرين يوما ولم يكن بينهم قتال إلا مراماة بالنبال والحجارة وأصيب منها سعد بن معاذ بسهم فكان سبب موته وقال ابن إسحق في رواية "لم يكن بينهم حرب إلا مراماة بالنبل لكن كان عمرو بن عبد ود العامري قد اقتحم الخندق هو ونفر معه بخيولهم من ناحية ضيقة حتى صاروا بالسبخة فبارزه على فقتله وبرز نوفل بن عبد الله بن المغيرة المخزومي فبارزه الزبير فقتله ويقال قتله علي ورجعت بقية الخيول منهزمة.
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - منقبة لحذيفة وفضيلة له وتكريم النبي صلى الله عليه وسلم له حيث غطاه بطرف عباءته حتى دفئ هذا وقد روى البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير أنا ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا ثم قال: إن لكل نبي حواريا وإن حواريي الزبير".
قال الحافظ ابن حجر: إن القصة التي ذهب الزبير لكشفها غير القصة التي ذهب حذيفة لكشفها فقصة الزبير كانت لكشف خبر بني قريظة هل نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين؟ ووافقوا قريشا على محاربة المسلمين؟ وقصة حذيفة كانت لما اشتد الحصار على المسلمين بالخندق ووقع الاختلاف بين الأحزاب وأرسل الله تعالى عليهم الريح واشتد البرد تلك الليلة فانتدب النبي صلى الله عليه وسلم من يأتيه بخبر قريش فانتدب له حذيفة بعد تكراره طلب ذلك.
٢ - وفيه أنه ينبغي للإمام وأمير الجيش بعث الجواسيس والطلائع لكشف خبر العدو.
٣ - قال النووي: وفيه جواز الصلاة في الصوف وهو جائز بإجماع من يعتد به وسواء الصلاة عليه وفيه ولا كراهة في ذلك قال العبدري من أصحابنا: وقالت الشيعة: لا تجوز الصلاة على الصوف