خويلد فيمن أطاعه وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش فأنزلوا بمر الظهران فجاءهم من أجابهم من بني سليم مددا لهم فصاروا في جمع عظيم فهم الذين سماهم الله تعالى الأحزاب.
وذكر ابن إسحق أن عدتهم كانت عشرة آلاف وكان المسلمون ثلاثة آلاف.
واستشار الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه هل يخرج إليهم في العراء وسيأتون من الشرق والغرب؟ أو يبقى هو والمسلمون بالمدينة؟ فإذا دخلوا عليهم حاربوهم في الدروب؟ قال سلمان الفارسي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق حول المدينة وعمل فيه بنفسه ترغيبا للمسلمين في العمل فيه وخط صلى الله عليه وسلم لكل عشرة أناس عشرة أذرع وتسابق المسلمون في الحفر مستعجلين يبادرون قدوم العدو فأقاموا في عمله قريبا من عشرين ليلة وقيل: أربعا وعشرين ليلة وقيل: نحو شهر.
وجاء الكفار نزلت قريش بمجتمع السيول -يقول ابن إسحق: في عشرة آلاف من أحابيشهم ومن تبعهم من بني كنانة وتهامة ونزل عيينة بن حصن في غطفان ومن معهم من أهل نجد إلى جانب أحد بباب نعمان وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون حتى جعلوا ظهورهم إلى سلع في ثلاثة آلاف والخندق بينه وبين القوم وتوجه حيي بن أخطب إلى بني قريظة فلم يزل بهم حتى غدروا وبلغ المسلمين غدرهم فاشتد بهم البلاء فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يعطي عيينة بن حصن ومن معه ثلث ثمار المدينة على أن يرجعوا فمنعه من ذلك سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وقالا: كنا نحن وهم على الشرك لا يطمعون منا في شيء من ذلك فكيف نفعله بعد أن أكرمنا الله عز وجل بالإسلام وأعزنا بك؟ نعطيهم أموالنا؟ ما لنا بهذا من حاجة ولا نعطيهم إلا السيف فاشتد بالمسلمين الحصار حتى حاول المنافقون التهرب من الميدان وفيهم يقول الله تعالى {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا}[الأحزاب: ١٢]{وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا}[الأحزاب: ١٣] وفي هذا الموقف الصعب يقول جل شأنه {إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون* هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا}[الأحزاب: ١٠، ١١] وكان الذين جاءوهم من فوقهم بني قريظة ومن أسفل منهم قريشا وغطفان.
يقول ابن إسحق: إن نعيم بن مسعود الأشجعي أتى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعلم به قومه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: خذل عنا الكفار فمضى إلى بني قريظة -وكان نديما لهم- فقال: عرفتم محبتي لكم؟ قالوا: نعم فقال: إن قريشا وغطفان ليست هذه بلادهم وإنهم إن رأوا فرصة انتهزوها وإلا رجعوا إلى بلادهم وتركوكم في البلاء مع محمد ولا طاقة لكم به قالوا: فما ترى؟ قال: لا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا رهنا منهم فقبلوا رأيه فتوجه إلى قريش فقال لهم: إن اليهود ندموا على الغدر بمحمد فراسلوه في الرجوع إليه فراسلهم بأنا لا نرضى حتى تبعثوا إلى قريش فتأخذوا منهم رهنا فتقتلوهم ثم جاء