يسألوه، رغم تشوقهم للسؤال، وتمنيهم مجيء الأعراب العقلاء من البادية ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يسمعون.
وفي هذه الظروف، وفي سنة ثمان أو تسع من الهجرة بعث بنو سعد بن بكر ضماما ليأتيهم بخبر الإسلام وشرائعه مشافهة من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بلغتهم هذه الأمور على لسان رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبينما الصحابة جلوس في المسجد حول رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل ضمام على بعيره، فأناخه في رحبة المسجد وعلى بابه، ثم عقله ودخل، فقال: أيكم محمد؟ فأشار له الصحابة وقالوا: هو هذا الرجل الأبيض المتكئ. فقال: يا ابن عبد المطلب. قال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك. قال: إني سائلك فمشدد عليك في المسألة، فلا تجد علي في نفسك، ولا تغضب علي لسؤالي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: سل عما بدا لك.
قال: أتانا رسولك وأخبرنا أن الله أرسلك إلى الناس عامة. قال: صدق فيما أخبركم، قال: فإذا كان الأمر كذلك، فمن خلق السماء؟ قال: الله وحده. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله وحده. قال: فمن خلق الجبال وأرساها وأودع فيها من العجائب والمنافع ما أودع؟ قال: الله وحده.
قال: أنشدك بربك الذي خلق السماء والأرض وأرسى الجبال وجعل فيها ما جعل، آلله بعثك رسولا؟ قال صلى الله عليه وسلم: نعم.
قال: وأخبرنا رسولك أنه يجب على كل مكلف منا خمس صلوات في كل يوم وليلة.
قال: صدق.
قال: أنشدك بربك الذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: اللهم نعم.
قال: وأخبرنا رسولك أن على كل مالك منا زكاة تؤخذ من أغنيائنا فتقسم على فقرائنا.
قال: صدق. قال: أنشدك بربك الذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: اللهم نعم.
قال: وأخبرنا رسولك أن علينا صوم شهر رمضان من كل عام. قال صدق.
قال: أنشدك بالذي أرسلك، آلله أمرك بهذا؟ قال: اللهم نعم.
قال: وأخبرنا رسولك أن علينا حج البيت الحرام من استطاع إليه سبيلا. قال: صدق.
فقال الرجل: شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وآمنت بما جئت به، والذي بعثك بالحق لا أزيد على ما وجب علي ولا أنقص منه شيئا، وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر، ثم قام وولى.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لئن صدق في قوله، ووفى بوعده ليدخلن الجنة. ثم رجع ضمام إلى قومه، فأخبرهم، وقال لهم إن الله قد بعث رسولا، وأنزل عليه كتابا، وقد جئتكم من عنده بما آمركم به وأنهاكم عنه.