٤ - في علاج فاطمة رضي الله عنها لجروح رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز العلاج والمداواة وأنها لا تقدح في التوكل.
٥ - قال المهلب: فيه أن قطع الدم بالرماد كان معلوما عندهم لا سيما إن كان الحصير من ديس السعد فهي معلومة بالقبض وطيب الرائحة فالقبض يسد أفواه الجرح وطيب الرائحة يذهب بزهم الدم وأما غسل الدم أولا فينبغي أن يكون إذا كان الجرح غير غائر أما لو كان غائرا فلا يؤمن معه ضرر الماء إذا صب فيه. اهـ. وقد ظن أبو الحسن القابسي أن هذه الخاصية لنوع معين من الحصير فقال:
وددنا لو علمنا ذلك الحصير مم كان؟ لنتخذه دواء لقطع الدم وقال ابن بطال: زعم أهل الطب أن الحصير بأنواعه إذا أحرقت تبطل زيادة الدم بل الرماد كله كذلك لأن الرماد من شأنه القبض ولهذا ترجم الترمذي لهذا الحديث بعنوان (التداوي بالرماد).
والظاهر أن كتم منافذ الدم بأي شيء يمنع تدفقه وشرطه أن يكون معقما غير ملوث قالوا: وأهم التعقيم ما كان بالنار فالتراب المتخلف عن النار في مثل هذه الحالة خير ما يسد منافذ الجروح وبعض الناس كانوا يستخدمون مسحوق البن الخاص بالقهوة المصرية بدلا من رماد الحصير وليس معنى ذلك أن هذه الوسيلة خير من الوسائل الطبية الحديثة ولكنها كانت أفضل الوسائل المتاحة في عصرها وظروفها.
٦ - وفي الأحاديث أنه ينبغي للمرء أن يتذكر نعمة الله تعالى عليه وأن يعترف بالتقصير فإن النعم تظهر قيمتها عند فقدها وقديما قالوا: الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.
٧ - واستفيد من هذه الحادثة أخذ الصحابة حذرهم من العود لمثلها والمبالغة في الطاعة والتحرز من العدو المنافق بينهم وإلى ذلك أشار تعالى بقوله في سورة آل عمران {وتلك الأيام نداولها بين الناس .. }[آل عمران: ١٤٠] إلى أن قال: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} وقال: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب}[آل عمران: ١٧٩].
٨ - ومن الرواية الخامسة ما كان عليه الأنبياء من الحلم والصبر وعفوهم عن أعدائهم الذين آذوهم والدعاء لهم بالهداية والمغفرة فترتفع بذلك درجاتهم ويتأسى بهم أتباعهم.