العلماء في مثل هذه الظروف تلمس الحكم والعبر والمواعظ من المواقف الصعبة فيقول الحافظ ابن حجر: قال العلماء: وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة منها:
أ- تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية وشؤم ارتكاب النهي لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم به الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أن لا يبرحوا مواقعهم وأن هذا الشؤم يعم ضرره من لم يقع منه.
ب- وتعريف المسلمين أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة كما تقدم في قصة هرقل مع أبي سفيان والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائما دخل في المؤمنين من ليس منهم ولم يتميز الصادق من غيره ولو انكسروا دائما لم يحصل المقصود من البعثة فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفيا عن المسلمين فلما جرت هذه القصة وأظهر أهل النفاق ما أظهروا من الفعل والقول عاد التلويح صريحا وعرف المسلمون أن لهم عدوا في دورهم فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم.
ج- ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضما للنفس وكسرا لشماختها فلما ابتلي المؤمنون صبروا وجزع المنافقون.
د- ومنها أن الله هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم فقيض لهم أسباب الابتلاء والمحن ليصلوا إليها.
هـ- ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم.
و- ومنها أنه أراد إهلاك أعدائه فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه فمحص بذلك ذنوب المؤمنين ومحق بذلك الكافرين.
ز- وفي هذا وقوع الانتقام والابتلاء بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لينالوا جزيل الأجر قاله النووي وقال القاضي: وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا ويطرأ على أجسامهم ما يطرأ على أجسام البشر ليتيقنوا أنهم مخلوقون مربوبون ولا يفتتن بما ظهر على أيديهم من المعجزات وتلبيس الشيطان من أمرهم ما لبسه على النصارى وغيرهم. اهـ. وليعظم لهم الأجر وتزداد درجاتهم رفعة وليتأسى بهم أتباعهم في الصبر على المكاره والعاقبة للمتقين.
-[ويؤخذ من أحاديث الباب فوق ما تقدم]-
١ - من لبس رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضة على رأسه في الحرب استحباب لبسها هي والدروع وغيرها من أسباب التحصن والتوقي في الحرب وأن ذلك لا يقدح في التوكل.
٢ - ومن موقف الأنصار السبعة واستشهادهم في الدفاع عن الرسول صلى الله عليه وسلم مدى شجاعتهم وإيمانهم وتضحيتهم فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
٣ - في الأحاديث منقبة وفضيلة لطلحة وسعد لثباتهما وعدم فرارهما مع الشدة.