للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بأن تسمع أي اسمع أو إنكاري بمعنى النفي دخل على نفي ونفي النفي إثبات أي تسمع إلى ما قال أبو حباب.

(ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة) "ولقد" بإثبات الواو في بعض الروايات وبحذفها في البعض الآخر ومعنى "اصطلحوا" اتفقوا و"البحيرة" بضم الباء على التصغير وفي رواية للبخاري "أهل هذه البحرة" بدون تصغير وهذا اللفظ يطلق على القرية وعلى البلد والمراد به هنا المدينة النبوية ونقل ياقوت الحموي أن البحرة من أسماء المدينة المنورة ومعنى "أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة أي ينصبوه ملكا عليهم يعني يرئسوه عليهم ويسودوه وسمي الرئيس معصبا لما يعصب برأسه من الأمور أو لأنهم يعصبون رءوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم يمتازون بها وفي غير البخاري "فيعصبونه" والتقدير فهم يعصبونه والمراد هنا من التعصيب التتويج وصناعة تاج له فعند ابن إسحق "لقد جاءنا الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه".

(فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه شرق بذلك) "شرق بذلك" بفتح الشين وكسر الراء أي غص بذلك الحق وهو كناية عن الحسد والأصل يقال: شرق بالماء إذا اعترض شيء من الماء في الحلق فمنع الإساغة والمعنى فلما رد الله تنصيبه ملكا بسبب الحق الذي جئت به حسد.

(فذلك فعل به ما رأيت) أي فذلك الحسد الداخلي دفعه إلى فعل ما فعل معك.

(فعفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم) زاد البخاري "وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصطبرون على الأذى قال الله عز وجل {ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا} [آل عمران: ١٨٦] الآية وقال الله {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم} [البقرة: ١٠٩] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتأول العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا فقتل الله به صناديد كفار قريش قال ابن أبي بن سلول ومن معه من المشركين وعبدة الأوثان: هذا أمر قد توجه -أي ظهر وجهه- فبايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأسلموا".

قال الحافظ ابن حجر عن هذه الزيادة: هذا حديث آخر أفرده ابن حاتم في التفسير عن الذي قبله وإن كان الإسناد متحدا وقد أخرج مسلم الحديث الأول مقتصرا عليه ولم يخرج شيئا من هذا الحديث الآخر.

فبلغنا أنها نزلت فيهم {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} [الحجرات: ٩] كذا ذكر المفسرون وقيل لنزولها سبب آخر بين الأوس والخزرج وقوله {من المؤمنين} مع بقية الآية يبعد أن يكون السبب حادثتنا وبخاصة أنه لم يكن فيها قتال بمعناه.

-[فقه الحديث]-

تعرضت أحاديث هذا الباب إلى أربع وقائع من وقائع أذى الرسول صلى الله عليه وسلم على يد قومه.

<<  <  ج: ص:  >  >>