طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه أن يتخلصوا من كعب بن الأشرف لكنه كالثعلب في جحره لا يستمكن منه إلا بالحيلة فتطوع لهذه المهمة محمد بن مسلمة صديق قديم لكعب وأخ له من الرضاع وهو يثق فيه وعرض على رضيعه الثاني أبي نائلة أن يشاركه المهمة فقبل ووافقهما على مشاركتهما ثلاثة من الصحابة استأذن محمد بن مسلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يتناوله بالعيب وأن يكذب للحيلة فأذن له ذهب هو وأبو نائلة وشكيا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يكلف المسلمين صدقات لا يستطيعونها وأنه جعل العرب يعادونهم عن يمين وشمال ثم طلبا منه أن يسلفهما تمرا فطلب رهنا فواعده برهن أسلحتهما وتواعدا المساء على أن يكون معهما ثلاثة وافق عليهم فجاءوه ليلا ومعهم السلاح ونادوه فنزل إليهم من حصنه مصمخا بالطيب قالوا له: ما هذا الطيب الجميل؟ قال: طيب امرأتي فلانه أعطر نساء العرب فاستأذنوه أن يقربوا رأسه ليشموا شعره فأذن لهم فأمسك محمد بن مسلمه برأسه من ضفائره بقوة وقال لأصحابه: اقتلوا عدو الله فقتلوه بسيوفهم وقطعوا رأسه صرخ صرخة
واحدة وصرخت امرأته: يا بني قريظة يا بني النضير وخرج اليهود واتخذوا طريقا غير طريقهم ووصلوا آمنين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وشكرهم وجاء اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكون المسلمين أن قتلوا زعيمهم غيلة فذكر لهم عداءه للمسلمين وإيذاءه لهم فخافوا وجبنوا وسكتوا وهكذا تخلص المسلمون من شوكة يهودية كانت تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
-[المباحث العربية]-
(كعب بن الأشرف) اليهودي القرظي قال ابن إسحق وغيره: كان الأشرف عربيا من بني نبهان وهم بطن من طيئ وكان قد أصاب دما في الجاهلية فأتى المدينة فحالف بني النضير فشرف فيهم وتزوج عقيلة بنت أبي الحقيق فولدت له كعبا وكان طويلا جسيما ذا بطن وهامة.
(من لكعب بن الأشرف) أي من الذي يقدر على قتله؟ فنفوضه له؟ ففي الكلام مضاف محذوف تقديره: من لقتل كعب بن الأشرف؟
(فإنه قد آذى الله ورسوله) إيذاء الله كناية عن مخالفة الله جل شأنه وإيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم معصية لله وإغضاب له ويحتمل أن "آذى الله" تمهيد والمقصود آذى رسول الله وفي رواية عند الحاكم في الإكليل "فقد آذانا بشعره وقوي المشركين" وعند ابن عائذ "أن كعب بن الأشرف قدم على مشركي قريش فحالفهم عند أستار الكعبة على قتال المسلمين" وفي رواية "أنه كان يهجو النبي صلى الله عليه وسلم ويحرض قريشا عليهم وأنه لما قدم على قريش قالوا له: أديننا أهدي أم دين محمد؟ قال: دينكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من لنا بابن الأشرف فإنه قد استعلن بعداوتنا وفي رواية مرسلة "أنه صنع طعاما وواطأ جماعة من اليهود على أن يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوليمة فإذا حضر فتكوا به ثم دعاه فجاء ومعه بعض أصحابه فأعلمه جبريل بما أضمروه بعد أن جالسه فقام فخرج فلما فقدوه تفرقوا فقال صلى الله عليه وسلم حينئذ: من لكعب بن الأشرف؟