(فلما تصاف القوم كان سيف عامر فيه قصر، فتناول به ساق يهودي ليضربه) ظاهر هذا أن مبارزة عامر لليهودي كانت بعد إعطاء الراية لعلي، وليس كذلك، بل هو وصف لمعركة في يوم سابق، وكان يهود خيبر طيلة مدة الحصار يخرجون فيقاتلون المسلمين، وظهورهم إلى حصونهم، فإذا جاء الليل دخلوا حصونهم، ورجع المسلمون إلى عسكرهم.
وقد أوضحت رواية سلمة في آخر باب غزوة ذي قرد معركة عمه عامر، فقال سلمة:"خرج ملكهم مرحب" بفتح الميم وسكون الراء وفتح الحاء "يخطر بسيفه" بكسر الطاء، أي يرفعه مرة، ويضعه أخرى "ويقول:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
أي تام السلاح، يقال: رجل شاكي السلاح، وشاك السلاح، وشاك في السلاح، من الشوكة، وهي القوة، والشوكة أيضا السلاح، ومنه قوله تعالى:{وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم}[الأنفال: ٧] "بطل مجرب" أي مجرب بالشجاعة وقهر الفرسان، والبطل الشجاع، يقال: بطل الرجل، بضم الطاء يبطل بطالة وبطولة، أي صار شجاعا "إذا الحروب أقبلت تلهب" أي يتلهب، يقال: تلهبت النار اتقدت، أي يثور ويتحرق للنزال.
قال سلمة "وبرز له عمي عامر فقال:
قد علمت خيبر أني عامر ... شاكي السلاح بطل مغامر
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر" أي اشتبك في الترس، وتعلق به "وذهب عامر يسفل له" بفتح الياء، وإسكان السين وضم الفاء، أي يضربه من أسفله" وفي روايتنا "فتناول به ساق يهودي ليضربه".
(ويرجع ذباب سيفه، فأصاب ركبة عامر)"يرجع" تعبير بالمضارع عن الماضي رجع، لاستحضار الصورة.
وذباب السيف حد طرفه، وفي آخر غزوة ذي قرد "فرجع سيفه على نفسه، فقطع أكحله، فكانت فيها نفسه" أي فكان في هذه الرجعة خروج نفسه، بسكون الفاء، أي روحه، والأكحل وريد في وسط الذراع، أو الساق. والمراد هنا وريد الساق، وفي رواية البخاري "فأصاب عين ركبة عامر أي رأس ركبته" وفي آخر غزوة ذي قرد قال سلمة: "وخرج مرحب" أي في يوم الفتح " فقال:
قد علمت خيبر أني مرحب ... شاكي السلاح بطل مجرب
إذا الحروب أقبلت تلهب
فقال علي: أنا الذي سمتني أمي حيدرة ... كليث غابات كريه المنظرة