للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فأتينا خيبر فحاصرناهم) أي فأتينا أهل خيبر فحاصرناهم، مدة طويلة، نفد فيها زادنا.

(حتى أصابتنا مخمصة شديدة) أي مجاعة شديدة، يبين بذلك سبب لجوئهم إلى طبخ الحمر الإنسية الآتي، والمخمصة المجاعة.

(ثم قال: إن الله فتحها عليكم) أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في نهاية مدة الحصار، وفي الليلة التي فتحت في صبيحتها، أي إن الله سيفتحها عليكم، وسيأتي في آخر الباب التالي، باب غزوة ذي قرد وغيرها قول سلمة: "ثم أرسلني إلى علي، وهو أرمد" وعند البخاري ومسلم "كان علي رضي الله عنه تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان رمدا -يقال رمد الإنسان بكسر الميم يرمد بفتحها، رمدا فهو رمد وأرمد، إذا هاجت عينه- فقال: أنا أتخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ -لام نفسه على عدم مصاحبته جيش خيبر بسبب مرض عينيه- فلحق به، فلما بتنا الليلة التي فتحت- أي التي ستفتح في صبيحتها- قال -صلى الله عليه وسلم لأصحابه- لأعطين الراية غدا، أو ليأخذن الراية غدا رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، يفتح عليه، أو يفتح الله على يديه، فبات الناس يفكرون ليلتهم، أيهم يعطاها؟ وعند مسلم أن عمر رضي الله عنه قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ" وفي حديث بريدة "فما منا رجل له منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو يرجو أن يكون ذلك الرجل حتى تطاولت أنا لها" قال: فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه" هذا من البخاري. ونعود إلى مسلم، يقول سلمة: "فأتيت عليا، فجئت به أقوده، وهو أرمد، حتى أتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبصق في عينيه، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية" وعند الحاكم "قال علي: فوضع رأسي في حجره ثم بزق في إلية راحته فدلك بها عيني" وعند الطبراني "فما رمدت، ولا صدعت منذ دفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى الراية يوم خيبر" وفي رواية له "فما اشتكيتها حتى الساعة" وكانت راية النبي صلى الله عليه وسلم سوداء، مكتوب عليها: لا إله إلا الله محمد رسول الله.

(فلما أمسى الناس مساء اليوم الذي فتحت عليهم أوقدوا نيرانا كثيرة) يطبخون عليها لحوم الحمر الإنسية.

(لحم حمر الإنسية) قال النووي: هكذا هو بإضافة "حمر" وهو من إضافة الموصوف إلى صفته وهو على ظاهره عند الكوفيين، وتقديره عند البصريين: حمر الحيوانات الإنسية، قال: وأما الإنسية ففيها لغتان وروايتان حكاهما القاضي عياض وآخرون، أشهرهما كسر الهمزة وإسكان النون، قال القاضي: هذه رواية الأكثر، والثانية فتحهما جميعا، وهما جميعا نسبة إلى الإنس، وهم الناس، وسميت بذلك لاختلاطها بالناس، بخلاف حمر الوحش.

(أهريقوها واكسروها) أي اهرقوا القدور، واكسروا القدور، وسيأتي هذا الموضوع في كتاب الصيد والذبائح.

<<  <  ج: ص:  >  >>