(سابق بالخيل التي قد أضمرت) بضم الهمزة وسكون الضاء وكسر الميم، وقوله "لم تضمر" بضم أوله وفتح ثالثه مبني للمجهول، والمراد به أن تعلف الخيل، حتى تسمن وتقوى، ثم يقلل علفها بقدر القوت، وتدخل بيتا، وتغطي فيه بالجلال، لتحمي فيه، فتعرق، فإذا جف عرقها جف لحمها، وقويت على الجري.
وفي رواية "أجري" بدل "سابق" وهما بمعنى.
(من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع) أي كانت مسافة السباق تبدأ من الحفياء، وتنتهي عند ثنية الوداع، والحفياء بفتح الحاء وسكون الفاء، آخرها مد، ويجوز القصر، وحكى الحازمي تقديم الياء على الفاء، وحكى عياض ضم أوله، مكان خارج المدينة، أما ثنية الوداع فهي عند المدينة، سميت بذلك لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليها، والثنية في الأصل الطريق في الجبل، وكانت المسافة من الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال، أو ستة، أو سبعة.
(من الثنية إلى مسجد بني زريق) أي من ثنية الوداع، فهي كانت بداية هذا السباق، وكانت نهايته في السباق الأول، ومسجد بني زريق -بالزاي قبل الراء، مصغرا، والمسافة بينهما تقل عن مسافة الحفياء.
(وكان ابن عمر فيمن سابق بها) أي في السباق الثاني من الثنية إلى مسجد بني زريق.
(فجئت سابقا) على المتسابقين.
(فطفف بي الفرس المسجد) أي وثب وعلا بي فرسي سور المسجد، وكان جداره قصيرا، وهذا بعد مجاوزته الغاية، لأن الغاية هي هذا المسجد، وهي مسجد بني زريق، يقال: طف الشيء، يطف بكسر الطاء، إذا طفا وعلا وارتفع، وطفف به الفرس بالتشديد، وثب. مبالغة في طف.
(الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) النواصي جمع ناصية، والمراد بها هنا الشعر المسترسل على الجبهة، قاله الخطابي وغيره، قالوا: ويحتمل أن يكون قد كنى بالناصية عن جميع ذات الفرس، كما يقال: فلان مبارك الناصية، ومبارك الغرة، أي مبارك الذات، ولا يصلح هذا الاحتمال في الرواية الرابعة، ولفظها "يلوي ناصية فرس بأصبعه" ويحتمل أن تكون الناصية قد خصت بالخير لكونها المقدم منها، إشارة إلى أن الفضل في الإقدام بها على العدو، دون المؤخر، لما فيه من الإشارة إلى الأدبار.
و"ال" في "الخيل" للجنس الصادق ببعض أفراده، أي هذا الجنس بصدد أن يكون الخير فيه، فمن استخدمه في كذا كان كذا، ومن استخدمه في كذا كان كذا.