قال النووي: في هذا الحديث جواز ركوب البحر، للرجال والنساء، وكذا قاله الجمهور، وكره مالك ركوبه للنساء، لأنه لا يمكنهن غالبا التستر فيه، ولا غض البصر عن المتصرفين فيه، ولا يؤمن انكشاف عوراتهن في تصرفهن، لا سيما ضرورتهم إلى قضاء الحاجة بحضرة الرجال [قلت: كانت هذه الموانع في الزمن الأول، وفي السفن الشراعية، أما السفن العملاقة في هذه الأيام فهي أكثر تسترا من شوارع المدينة، لكن لا ننسى أن المالكية يكرهون خروج الشابات إلى المساجد] ونقل ابن عبد البر أنه يحرم ركوبه عند ارتجاجه اتفاقا. اهـ. والأولى أن يقال: يحرم التعرض لأخطاره.
قال القاضي: وروي عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز منع ركوبه، وقيل: إنما منعاه للتجارة وطلب الدنيا، لا للطاعات، وقد روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ركوب البحر إلا لحاج أو معتمر أو غاز، وضعف أبو داود هذا الحديث، وقال: رواته مجهولون.
ثم قال النووي: واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على أن المقتول في سبيل الله والميت فيه سواء في الأجر، بحجة أن أم حرام ماتت، ولم تقتل. قال النووي: ولا دلالة فيه لذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يقل: إنهم شهداء، إنما قال "يغزون في سبيل الله" لكن ذكر مسلم في باب بعد الباب التالي عن أبي هريرة "من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في سبيل الله فهو شهيد" وهو موافق لقول الله تعالى {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله}[النساء: ١٠٠] اهـ. وعبارة ابن عبد البر: في الحديث أن من يموت غازيا يلحق بمن يقتل في الغزو. اهـ. وهو ظاهر القصة، لكن لا يلزم من الاستواء في أصل الفضل الاستواء في الدرجات.
-[ويؤخذ من الحديث غير ما تقدم]-
١ - الترغيب في الجهاد والحض عليه.
٢ - وفضيلة المجاهدين في الجملة.
٣ - وفضيلة تلك الجيوش التي فتحت تلك البلاد، وأنهم غزاة في سبيل الله.
٤ - فضل من يصرع في سبيل الله.
٥ - أن حكم الراجع من الغزو حكم الذاهب إليه في الثواب.
٦ - جواز الخلوة بالمحرم -على اعتبار أن أم حرام كانت محرما، واختلى بها.
٧ - وجواز ملامسة المحرم في الرأس وغيره، مما ليس بعورة.