للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية يركبون البحر أيضا، مع أن غزو مدينة قيصر كان بالبر، فحملت المثلية في الخبر على معظم ما اشتركت فيه الطائفتان، لا خصوص ركوب البحر، ويحتمل أن يكون بعض العسكر الذين غزوا مدينة قيصر ركبوا البحر إليها، وقال القرطبي: الفرقة الأولى في أول من غزا البحر من الصحابة، والفرقة الثانية في أول من غزا البحر من التابعين. قال الحافظ ابن حجر: بل كان في كل منهما من الفريقين، لكن معظم الأولى من الصحابة، ومعظم الثانية من التابعين.

(فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم) قالت ذلك في الثانية لظنها أن الثانية تساوي الأولى في المرتبة، فسألت ثانيا ليتضاعف لها الأجر، لا أنها شكت في إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لها في المرة الأولى، وفي جزمه بالإجابة، قال الحافظ ابن حجر: لما لم يقع لها التصريح بأنها تموت قبل زمان الغزوة الثانية، جوزت أنها تدركها، فتغزو معهم، ويحصل لها أجر الفريقين.

(أنت من الأولين) في رواية "ولست من الآخرين" فأعلمها صلى الله عليه وسلم أنها لا تدرك زمان الغزوة الثانية.

(فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمن معاوية) في الرواية الثانية "فتزوجها عبادة بن الصامت بعد، فغزا في البحر، فحلمها معه" وفي رواية "فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازيا، أول ما ركب المسلمون البحر، مع معاوية" وفي رواية "فتزوج بها عبادة، فخرج بها إلى الغزو" وفي رواية "فتزوجت عبادة، فركبت البحر مع بنت قرظة" امرأة معاوية واسمها فاختة.

وظاهر قولها "في زمن معاوية" يوهم أن ذلك كان في خلافته، وليس كذلك، بل كان في خلافة عثمان، ومعاوية يومئذ أمير الشام، سنة ثمان وعشرين، فقد نقل الطبري أن أول من غزا البحر معاوية في زمن عثمان، وكان قد استأذن عمر، فلم يأذن له، فلم يزل بعثمان حتى أذن له، وقال له: لا تنتخب أحدا -أي لا تلزم أحدا بالخروج معك- بل من اختار الغزو فيه طائعا فأعنه، ففعل، فغزا الروم، فصالح أهل قبرص.

(فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت) في الرواية الثانية "فلما أن جاءت قربت لها بغلة، فركبتها، فصرعتها، فاندقت عنقها" وفي رواية "فلما انصرفوا من غزوهم، قافلين إلى الشام، قربت إليها دابة، لتركبها، فصرعت، فماتت" وفي رواية "فرفصتها بغلة لها شهباء، فوقعت، فماتت" والحاصل أن البغلة الشهباء قربت إليها لتركبها، فشرعت لتركب، فسقطت، فاندقت عنقها، فماتت، قيل: إن موتها كان بساحل الشام بعد العودة من الغزو، لما خرجت من البحر، وقبرها بساحل حمص، وجزم جماعة بأن قبرها بجزيرة قبرص، وأخرج الطبري أن معاوية صالح أهل قبرص بعد فتحها على سبعة آلاف دينار في كل سنة، فلما أرادوا الخروج منها قربت لأم حرام دابة لتركبها، فسقطت فماتت، فقبرها هنا يستسقون به، ويقولون: قبر المرأة الصالحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>