للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مستثبتا من الأخبار التي وصلتهم، وحملوا قوله "آمنت بما جئت به .. " على أنه إنشاء وابتداء إيمان، لا إخبار بإيمان سبق منه. واستدلوا على دعواهم برواية مسلم "زعم رسولك لنا أنك تزعم" والزعم في الأصل القول الذي لا يوثق به، كما استدلوا برواية "حتى إذا فرغ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله".

وبناء على أنه قدم مسلما استدل ابن الصلاح بالحديث على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة من أن العوام المقلدين مؤمنون، وأنه يكتفى منهم بمجرد اعتقادهم الحق جزما من غير شك وتزلزل، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أقر ضماما على ما اعتمد عليه في تعرف رسالته، وصدقه بمجرد إخباره إياه بذلك ولم ينكر عليه، ولم يقل له: يجب عليك معرفة ذلك بالنظر في معجزاتي والاستدلال بالأدلة القطعية.

كما بني على الخلاف في إسلامه قبل قدومه خلاف في توجيه سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم باسمه أو بابن عبد المطلب مع أن الله يقول: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} [النور: ٦٣].

فمن قال: إنه لم يكن مسلما قبل قدومه سهل عليه الجواب والتوجيه والاعتذار، لأن الكافر غير مطالب بهذه الفروع.

وأما الآخرون فقد قالوا: إنه مع إسلامه لم يكن بلغه النهي عن السؤال ولا النهي عن دعاء الرسول كدعاء الناس، على أن البدو يعذرون في مثل هذه الأمور، لما فيهم من بقية جفاء الأعراب وجهلهم.

وقد اختلف في سنة قدوم ضمام، فجزم الواقدي بأنه كان سنة خمس من الهجرة، وغلطه الحافظ ابن حجر مستدلا بوجوه:

أحدها: أن قدومه كان بعد نزول النهي في القرآن، وآية النهي في المائدة ونزولها متأخر جدا.

ثانيها: أن إرسال الرسل يدعون إلى الإسلام ابتدأ بعد الحديبية.

ثالثها: أن في القصة أن قومه أوفدوه، ومعظم الوفود كان بعد فتح مكة.

رابعها: جاء في حديث ابن عباس أن قومه أطاعوه ودخلوا في الإسلام بعد رجوعه إليهم، ولم يدخل بنو سعد في الإسلام إلا بعد وقعة حنين، وكانت في شوال سنة ثمان.

ثم قال الحافظ ابن حجر: فالصواب أن قدوم ضمام كان في سنة تسع.

وقد أخذ صاحب التحرير من حسن سؤال ضمام دليلا على قوة ذاكرته ورصانة عقله وتفكيره، فإن أجاد السياق والترتيب، إذ سأل أولا عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم به أن يصدقه في كونه رسولا للصانع، ثم لما وقف على رسالته أقسم عليه بحق مرسله أن يؤكد له أمور الإسلام وشرائعه.

-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-

قبول خبر الواحد على أن ضماما كان رسول قومه ودعاهم إلى الإسلام فصدقوه وجواز الاستحلاف على الأمر المحقق لزيادة التأكيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>