للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أمتار مربعة على الأقل. وفي الرواية الثانية "وجلس في حجاج عينه نفر" بفتح الحاء وكسرها، بعدها جيم مفتوحة، ثم بعد الألف جيم، وهو بمعنى وقب عينه في الرواية الأولى، ولعل قعود النفر في جوف العين كان من باب التسلية والتعجب.

(وأخذ ضلعاً من أضلاعه، فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا، فمر من تحتها) تصوير آخر لضخامة العنبر، كشيء من التسلية والغرابة، وذلك بأن أخذ القائد ضلعاً من أضلاع العنبر، بعد أن جردوها من اللحم، فغرسوا جزءاً منها في الأرض، وأقاموها، طرفها المعوج أعلاها، فصارت مثل عمود النور، ثم جاء بأعلى جمل في الجيش، وجاء بأطول رجل في الجيش، فأجلسه أو أوقفه فوق ظهر الجمل، فمر الجمل والرجل من تحت قوس الضلع، دون أن يمسها، ولم يذكر الرجل فوق البعير في الرواية الأولى، وذكر في الثانية، زيادة ثقة، وهي مقبولة، ومعنى "رجل أعظم بعير معنا" بفتح الراء وفتح الحاء مخففة، أي جعل عليه رحلاً، والضلع يؤنث ويذكر.

وعند ابن إسحق "ثم أمر بأجسم بعير معنا، فحمل عليه أجسم رجل منا، فخرج من تحتها، وما مست رأسه" قال الحافظ ابن حجر: وهذا الرجل لم أقف على اسمه، وأظنه قيس بن سعد بن عبادة، فإن له ذكرا في هذه الغزوة، وكان مشهوراً بالطول، وفي رواية للبخاري "ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من أضلاعه، فنصبا، ثم أمر براحلة فرحلت، ثم مرت تحتهما، فلم تصبها" فيحتمل أنه نصب ضلعين مرة، وضلعاً مرة.

(وتزودنا من لحمه وشائق) بالشين والقاف، قال أبو عبيد: هو اللحم يؤخذ، فيغلي إغلاء، ولا ينضج، ويحمل في الأسفار، يقال: وشقت اللحم، فاتشق، والوشيقة الواحدة منه، والجمع وشائق، ووشق بضم الواو، وقيل: الوشيقة القديد، ومعنى "تزودنا من لحمه" اتخذنا وحملنا منه زاداً معنا إلى المدينة.

(فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا) قصد بذلك المبالغة في تطييب نفوسهم في حله، أو أنه قصد التبرك، لكونه طعمة من الله تعالى، خارقة للعادة. وأكرمهم الله بها.

(وكان معنا جراب من تمر، فكان أبو عبيدة يعطي كل رجل منا قبضة قبضة، ثم أعطى تمرة تمرة، فلما فني وجدنا فقده) هذا بيان للحالة السابقة على أكل الخبط السابق على وجود العنبر.

(أن رجلاً نحر ثلاث جزائر، ثم ثلاثاً، ثم ثلاثاً، ثم نهاه أبو عبيدة) قال العيني قوله: "ثلاث جزائر" غريب لأن الجزائر جمع جزيرة، والقياس جزر، جمع الجزور. اهـ وفي كتب اللغة: الجزور ما يصلح لأن يذبح من الإبل، ولفظه أنثى، يقال للبعير: هذه جزور سمينة، وجمعه جزائر، وجزر.

وهذا الرجل -كما عند الواقدي وغيره- هو قيس بن سعد بن عبادة، وكان في هذا الجيش، فلما أصاب الناس جوع شديد قال: من يشتري مني تمراً بالمدينة بجزور هنا، فقال له رجل من جهينة

<<  <  ج: ص:  >  >>