الإباحة على من لا يتقذره، ولا يلزم من ذلك أنه يكره مطلقاً، وقد أفهم كلام ابن العربي أنه لا يحل في حق من يتقذره، لما يتوقع في أكله من الضرر، وهذا لا يختص بهذا. اهـ
-[ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم]-
١ - أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤاكل أصحابه.
٢ - وأنه كان يأكل اللحم، حيث تيسر.
٣ - وأنه كان لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله تعالى.
٤ - وفيه الإعلام بما شك فيه، لإيضاح حكمه.
٥ - وأن النفرة وعدم الاستطابة لا تستلزم التحريم.
٦ - وأن الطباع تختلف في النفور عن بعض المأكولات.
٧ - وأن المنقول عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يعيب الطعام الذي هو فيما صنعه الآدمي، لئلا ينكسر خاطره، وينسب إلى التقصير فيه، وأما الذي خلق كذلك، فليس نفور الطبع منه ممتنعاً.
٨ - وأن وقوع مثل ذلك ليس بمعيب ممن يقع منه، خلافاً لبعض المتنطعة. قاله الحافظ.
٩ - وفيه أن من خشي أن يتقذر شيئاً لا ينبغي أن يدلس له، لئلا يتضرر به، وقد شوهد ذلك من بعض الناس.
١٠ - قال الحافظ ابن حجر: وقد يستنبط منه أن اللحم إذا أنتن لم يحرم، لأن بعض الطباع لا تعافه. اهـ وهذا الاستنباط مستبعد.
١١ - وفيه دخول أقارب الزوجة بيتها، إذا كان بإذن الزوج، أو رضاه.
١٢ - وفيه جواز الأكل من بيت القريب والصهر والصديق، قال الحافظ ابن حجر: وكأن خالداً ومن وافقه في الأكل أرادوا جبر قلب التي أهدته، أو لتحقق حكم الحل، أو لامتثال قوله صلى الله عليه وسلم "كلوا" وفهم من لم يأكل أن الأمر فيه للإباحة.
١٣ - ومن كون الضب محنوذاً مشوياً جواز أكل الشواء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أهوى بيده ليأكل، ثم لم يمتنع إلا لكونه ضباً، فلو كان غير ضب لأكل. أشار إلى ذلك ابن بطال.
١٤ - وفيه قبول الهدية.
١٥ - وفيه الاكتفاء بالرضا، وعدم ضرورة الإذن الصريح، لأن خالداً أخذ الضب، فأكله، من غير استئذان، قال النووي: خالد أكل هذا في بيت ميمونة، وبيت صديقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يحتاج إلى استئذان، لا سيما والمهدية خالته.
١٦ - وفيه وفور عقل ميمونة أم المؤمنين، وعظيم نصيحتها للنبي صلى الله عليه وسلم، لأنها فهمت مظنة نفوره عن أكله، بما استقر عندها من تصرفاته، فخشيت أن يكون ذلك كذلك، فيتأذى بأكله، لاستقذاره له، فصدقت فراستها.
والله أعلم