قال النووي: فهذا مستحب عندنا وعند الحسن وجماعة، وكرهه أبو حنيفة وكره مالك "اللهم منك وإليك" وقال: هي بدعة.
١٠ - واستدل بالحديث من جوز تضحية الرجل عن نفسه وعن أهل بيته، واشتراكهم معه في الثواب، قال النووي: وهو مذهبنا ومذهب الجمهور، وكرهه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه، وزعم الطحاوي أن هذا الحديث منسوخ، أو مخصوص، وغلطه العلماء في ذلك، فإن النسخ والتخصيص لا يثبتان بمجرد الدعوى.
١١ - ومن الرواية الرابعة وما بعدها، من قوله "ما أنهر الدم" تنبيه على أن تحريم الميتة إنما هو لبقاء دمها.
١٢ - وفيه أيضاً دليل على جواز ذبح المنحور، ونحر المذبوح، ما دام قد حصل إنهار الدم، وقد جوزه العلماء كافة، إلا داود فمنعهما، وكرهه مالك كراهة تنزيه، وفي رواية كراهة تحريم، وفي رواية عنه إباحة ذبح المنحور، دون نحر المذبوح.
قال النووي: وأجمعوا أن السنة في الإبل النحر، وفي الغنم الذبح، والبقر كالغنم عندنا وعند الجمهور، وقيل: يتخير بين ذبحها ونحرها.
١٣ - وفي قصة البعير الناد دليل لإباحة عقر الحيوان الذي يند، ويعجز عن ذبحه ونحره، قال النووي: قال أصحابنا وغيرهم: الحيوان المأكول الذي لا تحل ميتته ضربان: مقدور على ذبحه، ومتوحش، فالمقدور عليه لا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة، وهذا مجمع عليه، وسواء في هذا الإنسي والوحشي، إذا قدر على ذبحه، بأن أمسك الصيد، أو كان متأنساً، فلا يحل إلا بالذبح في الحلق واللبة، وأما المتوحش كالصيد ففي جميع أجزائه يذبح، ما دام متوحشاً، فإذا رماه بسهم، أو أرسل عليه جارحة، فأصاب شيئاً منه، ومات به، حل بالإجماع، وأما إذا توحش إنسي، بأن ند بعير، أو بقرة، أو فرس، أو شردت شاة أو غيرها، فهو كالصيد، فيحل بالرمي إلى غير مذبحه، وبإرسال الكلب وغيره من الجوارح عليه، وكذا لو تردى بعير أو غيره في بئر، ولم يمكن قطع حلقومه ومريئه، فهو كالبعير الناد، في حله بالرمي، بلا خلاف عندنا، وفي حله بإرسال الكلب وجهان، أصحها لا يحل، قال أصحابنا: وليس المراد بالتوحش مجرد الإفلات، بل متى تيسر لحوقه بعد، ولو بالاستعانة بمن يمسكه ونحو ذلك، فليس متوحشاً، ولا يحل حينئذ إلا بالذبح في المذبح، وإن تحقق العجز في الحال جاز رميه، ولا يكلف الصبر إلى قدرة عليه، وسواء كانت الجراحة في فخذه أو خاصرته أو غيرهما من بدنه، فيحل. هذا تفصيل مذهبنا، وممن قال بإباحة عقر الناد -كما ذكرنا- علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وطاووس وعطاء والشعبي والحسن البصري والأسود بن يزيد والحكم وحماد والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحق وأبو ثور والمزني وداود والجمهور، ودليلهم حديث رافع هذا.
وقال سعيد بن المسيب وربيعة والليث ومالك: لا يحل إلا بذكاة في حلقه، كغيره.