(فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وقال: ... ) أي في خطبته، كما وضحته الرواية الثانية.
(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث) ليال، ففي الرواية الثانية "قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال" وفي الرواية العاشرة "فوق ثلاثة أيام" قال القاضي: يحتمل أن يكون ابتداء الثلاث من يوم ذبحها، ويحتمل من يوم النحر، وإن تأخر ذبحها إلى أيام التشريق، قال: وهذا أظهر.
وقال القرطبي: اختلف في أول الثلاث، التي كان الادخار فيها جائزاً، فقيل: أولها يوم النحر، فمن ضحى في آخر أيام النحر، جاز له أن يمسك ثلاثاً بعدها، ويحتمل أن يؤخذ من قوله "فوق ثلاث" أن لا يحسب اليوم الذي يقع فيه النحر من الثلاث، وتعتبر الليلة التي تليه أول الثلاث، واليوم تابع لليلته، ويؤيد الأخير ما جاء في روايتنا السابعة "فوق ثلاث منى" فإنها تتناول يوماً بعد يوم النحر، لغير المستعجل.
قال ابن حزم: إنما خطب علي رضي الله عنه بالمدينة في الوقت الذي كان عثمان رضي الله عنه محاصراً فيه، وكان أهل البوادي قد ألجأتهم الفتنة إلى المدينة، فأصابهم الجهد، كما وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك قال علي ما قال.
(فقالت: صدق) فيما أخبر به من أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث، لكنه لم يعلم بما كان بعد هذا النهي.
(دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة الأضحى، زمن النبي صلى الله عليه وسلم) في كتب اللغة: دف يدف، بكسر الدال، دفاً، ودفيفاً، إذا سار سيراً ليناً، والدافة -بتشديد الدال- الجماعة من الناس، تقبل من بلد إلى بلد، وعن "حضرة الأضحى" قال النووي: هي بفتح الحاء وضمها وكسرها، والضاد ساكنة فيها كلها، وحكي فتحها، وهو ضعيف، وإنما نفتح إذا حذفت الهاء، فيقال: بحضر فلان. اهـ فالحضرة الحضور، والمعنى: قدم جماعة من أهل البادية إلى المدينة، يرجون مواساة أهل المدينة لهم، لفقرهم وحاجتهم، قدموا في حضور عيد الأضحى وقربه، في السنة التاسعة من الهجرة.
(ادخروا ثلاثاً، ثم تصدقوا بما بقي) أي اجمعوا واحفظوا لحم الأضحية ثلاثاً، ثم تصدقوا بما عندكم من لحمها بعد الثلاث، أو ادخروا ما يكفيكم ثلاثاً، وتصدقوا بما يزيد عن هذا المقدار.
(إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم)"الأسقية" جمع سقاء، وهو وعاء من جلد يكون للماء واللبن.
(ويجملون منها الودك)"يجملون" بفتح الياء مع كسر الميم وضمها، ويقال: بضم الياء مع كسر الميم، يقال: جملت الدهن، أجمله بكسر الميم وضمها جملاً، وأجملته، أجمله إجمالاً، أي أذبته، والمعنى أنهم شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرجهم، فهم يحتاجون من الأضاحي جلودها للأسقية التي لا غنى لهم عنها، ويحتاجون من الأضحية إذابة دهنها وخزنه، وإدخاره، لاستعماله في طعامهم زمناً طويلاً.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ ) أي ومن الذي منعهم من ذلك؟