للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخنزير وما أهل لغير الله به} [المائدة: ٣] وعضدت السنة القرآن، فقال صلى الله عليه وسلم "لعن الله من ذبح لغير الله".

وأعجب علي رضي الله عنه بسماع هذا الحديث، فكتبه مع بعض الأحاديث الأخرى في صحيفة، طواها وأودعها قراب سيفه يحملها معه، كما يحمل السيف، يعتز بها كما يعتز بالسيف، ويدفع بها شبهات من زاغت قلوبهم، كما يدفع بالسيف كفر الكافرين.

ولقد نصبت طائفة العداء لعلي رضي الله عنه، بعد قبوله التحكيم بينه وبين معاوية، واعتبروه كافراً، وتشيعت طائفة له، وبالغت في تقديسه، وتبرأ رضي الله عنه من هؤلاء وهؤلاء، لكن نار هاتين الفتنتين ظلت تشتعل هنا وهناك، حتى سأله الناس عما يشاع من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خصه بأسرار، لم يطلع عليها أحداً من الأمة، وأنه كان الوصي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى ادعوا أنه صلى الله عليه وسلم جعله واصياً على زوجاته أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- يطلق منهن من شاء من بعده، فطلق عائشة -رضي الله عنها- خرافات اختلقوها وأشاعوها. فكان أن سأله بعضهم: هل خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم بسر، أسر به إليك، دون بقية الناس؟ فكان أن غضب لهذه الفرية، وقال: لا. والله ما خصني بسر من الأسرار، ولكن حدثني بأحاديث، كما حدث الناس، فاحتفظت بها في قراب سيفي، قالوا: فما فيه؟ فأخرجه، فإذا فيه: لعن الله من لعن والديه، لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من سرق حدود الأرض من جاره، لعن الله من حمى مجرماً ودافع عنه، وكان في الصحيفة غير ذلك كثير.

-[المباحث العربية]-

(عن أبي الطفيل .... كنت عند علي بن أبي طالب، فأتاه رجل) في الرواية الثانية "عن الطفيل. قال: قلنا لعلي .... " وفي الرواية الثالثة "سئل علي" وعند البخاري "عن أبي جحيفة قال: قلت لعلي .... " قال الحافظ ابن حجر: وقد سأل علياً عن هذه المسألة أيضاً قيس بن عباد، والأشتر النخعي، وحديثهما في مسند النسائي.

(ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك؟ ) "ما" استفهامية، أي ماذا كان يسر إليك به؟ وفي الرواية الثانية "أخبرنا بشيء أسره إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي الرواية الثالثة "أخصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء"؟ والخطاب في "أخصكم" لعلي -رضي الله عنه- والجمع للتعظيم، أوله ولبقية آل البيت، وعند النسائي "هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لم يعهد إلى الناس عامة"؟ وعند البخاري في كتاب العلم "هل عندكم كتاب"؟ أي مكتوب أخذتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ مما أوحي إليه؟ وعند البخاري في الجهاد "هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله"؟ وعنده في الديات "هل عندكم شيء مما ليس في القرآن"؟ وفي مسند إسحق بن راهويه "هل علمت شيئاً من الوحي"؟

وسبب هذا السؤال أن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت -لاسيما علياً- أشياء من الوحي، خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بها، لم يطلع غيرهم عليها، وأخرج أحمد عن أبي حسان الأعرج

<<  <  ج: ص:  >  >>