"أن علياً كان يأمر بالأمر، فيقال له: قد فعلناه، فيقول: صدق الله ورسوله. فقال له الأشتر: إن هذا الذي تقول. أهو شيء عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ".
(فغضب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئاً يكتمه الناس) وفي الرواية الثانية "ما أسر إلي شيئاً كتمه الناس" وعند أحمد "ما عهد إلي شيئاً خاصة دون الناس" وإنما غضب لكثرة ما سئل هذا السؤال، نتيجة لإشاعات الشيعة، مما هو منه براء.
(غير أنه قد حدثني بكلمات أربع) وفي الرواية الثانية "ولكني سمعته يقول .... " ومعنى هاتين الروايتين أن الحديث الآتي أخذه علي سماعاً، فقوله في الرواية الثالثة "إلا ما كان في قراب سيفي هذا" أي أنه كتبه بعد ما سمعه، وفي مسند أحمد "إلا شيئاً سمعته منه، فهو في صحيفة في قراب سيفي، فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة ... " وعند أبي داود والنسائي "إلا ما في كتابي هذا. قال: وكتاب في قراب سيفه" وعند البخاري في كتاب العلم. "لا. إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة" وعند أحمد عن طريق طارق بن شهاب، قال:"شهدت علياً على المنبر، وهو يقول: والله ما عندنا كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله، وهذه الصحيفة" و"قراب السيف" بكسر القاف وعاء من جلد، ألطف من الجراب، يدخل فيه السيف بغمده، وما خف من الآلة. قاله النووي.
(لعن الله من لعن والده) في الرواية الثانية "لعن الله من لعن والديه" ولعن الوالدين أعم من مباشرة اللعن، أو التسبب فيه "يلعن الرجل أبا الرجل، فيلعن والديه".
(ولعن الله من ذبح لغير الله) المراد به أن يذبح باسم غير الله تعالى، كمن ذبح للصنم أو الصليب، أو لموسى أو لعيسى -عليهما السلام- أو للكعبة، ونحو ذلك.
(ولعن الله من آوى محدثاً) بضم الميم وكسر الدال، أي من أوى مذنباً وحماه، وضمه إليه، ودفع عنه عقاب جريمته، و"أوى" بالقصر والمد، في الفعل اللازم والمتعدي جميعاً، لكن القصر في اللازم أشهر وأفصح، والمد في المتعدي -كما هنا- أشهر وأفصح.
وجملة "لعن الله" خبرية لفظاً، فهل هي خبرية معنى؟ أو دعائية معنى؟ احتمالان. واللعن في اللغة هو الطرد، والإبعاد، والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه، والطرد عن الجنة عند دخول السابقين.
(ولعن الله من غير منار الأرض)"منار الأرض" فتح الميم علامات حدودها بين المتجاورين في امتلاكها، وبتغييرها يحصل على جزء منها ليس له، وفي الرواية الثانية "لعن الله من غير المنار" أي علامة الحدود في الأرض وغيرها، وفي الرواية الثالثة: لعن الله من سرق منار الأرض" والروايتان الأوليان أعم، يشملان من غير سرقة، ومن غير عنوة ونهباً واغتصاباً.
(لم يعم به الناس كافة) "كافة" حال، قال النووي: وأما ما يقع في كثير من كتب المصنفين