٢٣٩ - عن ثابت مولى عمر بن عبد الرحمن أنه لما كان بين عبد الله بن عمرو وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان. تيسروا للقتال. فركب خالد بن العاص إلى عبد الله بن عمرو، فوعظه خالد. فقال عبد الله بن عمرو: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل دون ماله فهو شهيد".
-[المعنى العام]-
كان عنبسة بن أبي سفيان عاملا على الطائف من قبل أخيه معاوية، وكان لآل عمرو بن العاص بستان وحائط في الطائف، فأجرى عنبسة عينا من ماء ليسقي بها أرضا، فدنا من حائط آل عمرو، فأراد أن يخرقه ليجري العين منه إلى الأرض. فأقبل عبد الله بن عمرو ومواليه بالسلاح يدافعون عن مالهم، وقالوا: والله لا تخرقون حائطنا حتى لا يبقى منا أحد. وتأهب الفريقان للقتال.
وعلم خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة المخزومي وكان عمر رضي الله عنه قد استعمله على مكة، وكذا استعمله عثمان، ثم معاوية، فرأى باعتباره أقرب وال من الأزمة أن يركب من مكة إلى الطائف، وتوجه إلى عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم القرشي السهمي، وأخذ ينصحه بالمسالمة والتسليم لعنبسة، باعتباره صاحب سلطة وأخا للسلطان العام، فعز على عبد الله بن عمرو أن يخضع، وكبر عليه أن يستسلم لعنبسة - وأبوه عمرو صاحب الفضل الأول في ملك معاوية -إن كبرياءه وعزته تأنفان أن يخضع للجبروت، وإنه ليؤثر الموت في عزة وإباء على حياة الذل والهوان، وإنه يحس أن معاوية جرح كرامته بعزله عن ولاية مصر، وولى مكانه أخاه عتبة بن أبي سفيان فلا يحتمل بطشا وهوانا آخرين على يد عنبسة بن أبي سفيان.
وإنه ليؤمن بأنه في موقفه لكريم، له إحدى الحسنيين، إن عاش عاش عزيزا مرفوع الرأس، وإن مات مات شهيدا وله الجنة. فقال لخالد بن العاص يرد عليه نصيحته: ألم تعلم يا خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من قتل دون ماله فهو شهيد"؟