(لما كان ... ما كان)"كان" تامة، و"ما" فاعل "كان" الأولى، وفاعل الثانية ضمير يعود على "ما" و"لما" بتشديد الميم حرف وجود لوجود، وبعضهم يقول: حرف وجوب لوجوب تدخل على الماضي، فتقتضي جملتين، وجدت ثانيتهما عند وجود أولاهما.
(تيسروا للقتال) أي تأهبوا وتهيئوا له، عنبسة وأتباعه، وعبد الله بن عمرو ومواليه.
(فركب خالد بن العاص) بن هشام بن المغيرة المخزومي. فليس عم عبد الله بن عمرو كما يوهمه تشابه الأسماء قال النووي: ضبطناه "فركب" بالفاء وفي بعض الأصول "وركب" بالواو، وفي بعضها "ركب" من غير فاء ولا واو، وكله صحيح ا. هـ أما بالفاء أو الواو فإعرابه واضح، وأما بدونهما فعلى أن الجملة بدل من جملة "تيسروا للقتال" والمعنى: لما كان ... ما كان ركب خالد ... إلخ.
والفصيح في العاص إثبات الياء. ويجوز حذفها، وهو الذي يستعمله معظم المحدثين، أو كلهم.
(أما علمت)"أما" حرف استفتاح للتنبيه على الاهتمام بما بعدها.
(من قتل دون ماله) قال القرطبي: "دون" في أصلها ظرف مكان بمعنى تحت، وتستعمل للسببية على المجاز، ووجهه أن الذي يقاتل عن ماله غالبا إنما يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه. اهـ فالمعنى من قتل بسبب الدفاع عن ماله فهو شهيد.
-[فقه الحديث]-
في معنى هذا الحديث روى أبو داود والترمذي "من أريد ماله بغير حق، فقاتل فقتل فهو شهيد" وروى الترمذي وبقية أصحاب السنن الحديث السابق مع زيادة ذكر الأهل والدم والدين، وروى ابن ماجه "من أريد ماله ظلما فقتل فهو شهيد" وقد تقدم في فقه الحديث السابق كثير مما يتعلق بهذا الحديث.
ولا يعترض على موقف عبد الله بن عمرو بحديث البخاري "لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره" لأنه قد يقال: إنه خاص بالجار للضرورة، وعنبسة لم يكن جارا، ثم إن النهي المذكور للتنزيه وهو مشروط بإذن المالك، فإن امتنع لم يجبر عند الحنفية وبعض الشافعية جمعا بين الحديث وبين الأحاديث الدالة على تحريم مال المسلم إلا برضاه.
ثم إن من ألزم الجار بقبول غرز خشبة جاره اشترط عدم الإضرار بالمالك، إذ الخشبة تقوي الجدار ولا تضعفه، حتى لو ثقب الجدار فإن الخشبة تسد الثقب، بخلاف ثقب الحائط لمرور الماء منه، فإن الضرر محقق. والله أعلم.