١٢ - وفي أحاديث أنس، وإراقتهم الخمر بسماع المنادي العمل بخبر الواحد، وأن هذا كان معروفاً عندهم.
١٣ - قال النووي عن كسر إناء الخمر: هذا الكسر محمول على أنهم ظنوا أنه يجب كسرها وإتلافها، كما يجب إتلاف الخمر، وإن لم يكن في نفس الأمر هذا واجباً، فلما ظنوه كسروها، ولهذا لم ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وعذرهم لعدم معرفتهم الحكم، وهو غسلها من غير كسر، وهكذا الحكم اليوم في أواني الخمر وجميع ظروفه، سواء الفخار والزجاج والنحاس والحديد والخشب والجلود، فكلها تطهر بالغسل، ولا يجوز كسرها. اهـ
أقول: كان أنس آنذاك دون البلوغ، لم يكن مكلفاً، حتى يظن وجوب الكسر أو عدم وجوبه، والظاهر أن عامتهم لم يكسر آنية الخمر، بل أراقوا الخمر منها حتى جرى في سكك المدينة، وكان أمر أبي طلحة لأنس أن يريقها من الإناء، لا أن يكسر الإناء، وإنما كسره أنس حقداً عليها، وتشفياً فيها، وإظهاراً للشماتة فيها، وتعبيراً عن ذهاب دون إياب، ورحيل دون عودة. والله أعلم.
١٤ - قال الحافظ ابن حجر: واستدل بمطلق قوله "كل مسكر حرام" على تحريم ما يسكر، ولو لم يكن شراباً، فيدخل في ذلك الحشيشة وغيرها، وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة، وجزم آخرون بأنها مخدرة، وهو مكابرة، لأنها تحدث -بالمشاهدة- ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة والمداومة عليها والانهماك فيها، وعلى تقدير تسليم أنها ليست بمسكرة فقد ثبت في أبي داود "النهي عن كل مسكر ومفتر".