للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فنزلت في أجم بني ساعدة) "أجم" بضم الهمزة والجيم، كعنق، أي في حصن بني ساعدة والجمع آجام، كأعناق، وفي رواية لابن سعد "فأتيته بها، فأنزلتها بالشوط من وراء ذباب في أطم" وذباب بضم الذال جبل معروف بالمدينة، و"أطم" مثل أجم، لفظاً ومعنى، وفي رواية لابن سعد أيضاً "فأنزلتها في بني ساعدة" وفي رواية للبخاري "فأنزلت في بيت في نخل، في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل، معها دايتها، حاضنة لها" الداية المرضع الأجنبية، والحاضنة، والقابلة.

(فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاءها، فدخل عليها) في رواية للبخاري عن أبي أسيد رضي الله عنه قال: "خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى انطلقنا إلى حائط أي بستان "يقال له: الشوط" حتى انتهينا إلى حائطين، جلسنا بينهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اجلسوا ههنا، ودخل، وقد أتى بالجونية، فأنزلت في بيت، في نخل، في بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل" وفي رواية للبخاري عن عائشة "أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها قالت ... " ولا تعارض، فقد تكون قد أدخلت حجرة يدخل عليها فيها، فهي أدخلت عليه، أي على حجرته، فدخل عليها.

(فإذا امرأة منكسة رأسها) حياء وخجلاً، وإن كانت أيماً مطلقة، يقال: نكس رأسه بالتخفيف والتشديد، فهو ناكس ومنكس، أي مطأطئ الرأس.

(فلما كلمها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: أعوذ بالله منك) في رواية للبخاري "فلما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم قال: هبي نفسك لي. قالت: وهل تهب الملكة نفسها للسوقة؟ فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن، فقالت: أعوذ بالله منك" والسوقة بضم السين يقال للواحد من الرعية والجمع، قيل لهم ذلك لأن الملك يسوقهم، فيساقون إليه، ويصرفهم على مراده، وأما أهل السوق فالواحد منهم سوقي. قال ابن المنير: هذا من بقية ما كان فيها من الجاهلية، والسوقة عندهم من ليس بملك، كائناً من كان، فكأنها استبعدت أن تهب الملكة نفسها لمن ليس بملك، ولم يؤاخذها النبي صلى الله عليه وسلم بكلامها، معذرة لها، لقرب عهدها بجاهليتها، وقال غيره: يحتمل أنها لم تعرفه صلى الله عليه وسلم، فخاطبته بذلك، وروايتنا تؤكد هذا، ففيها "فقالوا لها: أتدرين من هذا؟ فقالت: لا. فقالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءك ليخطبك. قالت: أنا كنت أشقى من ذلك" وأفعل التفضيل في "أشقى" ليس على ظاهره، حتى يكون زواجها برسول الله صلى الله عليه وسلم شقاء وفواته أكثر شقاء، بل مرادها إثبات الشقاء لها، لما فاتها من التزوج برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يضعف ما جاء عند ابن سعد من "أن عائشة وحفصة دخلتا عليها أول ما قدمت فمشطتاها، وخضبتاها، وقالت لها إحداهما. إنك من الملوك، فإن كنت تريدين أن تحظي عند النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاءك فاستعيذي منه" وفي رواية له "قالت لها إحداهما: إن النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول: أعوذ بالله منك" وعند ابن سعد أيضاً "وذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكيدة عائشة وحفصة للمستعيذة، فقال: إنهن صواحب يوسف".

نعم يبعد من أمهات المؤمنين مثل هذا الخداع والتغرير، كما يبعد أن يعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخديعة، ويعاقب المخدوع، ولا يلوم من خدعه.

(قال: قد أعذتك مني) في رواية للبخاري "لقد عذت بعظيم. الحقي بأهلك" وفي رواية أخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>