للبخاري "قد عذت بمعاذ" والمعاذ بفتح الميم الملجأ أي من يستعاذ به، يقال: عاذ به يعوذ عوذاً وعياذاً، إذا التجأ إليه، واعتصم به، وتقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أي أعتصم بالله منه، فمعنى "قد أعذتك مني" حصنتك بالله مني، قال النووي: معناه: تركتك، وتركه صلى الله عليه وسلم تزوجها لأنها لم تعجبه، إما لصورتها، وإما لخلقها، وإما لغير ذلك زاد في رواية للبخاري ثم خرج علينا، فقال: يا أبا أسيد، اكسها رازقيين، وألحقها بأهلها" والرازقية ثياب من كتان بيض طوال، وقيل: في داخل بياضها زرقة، والرازقي الصفيق، قال ابن التين: متعها صلى الله عليه وسلم، إما وجوباً، وإما تفضلاً.
وفي رواية لابن سعد، قال أبو أسيد "فأمرني، فرددتها إلى قومها" وفي أخرى له "فلما وصلت بها تصايحوا، وقالوا: إنك لغير مباركة، فما دهاك؟ قالت: خدعت" وروي أنها كانت تلتقط البعر، وتقول: أنا الشقية، وروي "أنها تزوجت المهاجر بن أبي أمية، فأراد عمر معاقبتها، فقالت: ما ضرب على الحجاب، ولا سميت أم المؤمنين، فكف عنها" وتوفيت في خلافة عثمان.
(فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ، حتى جلس في سقيفة بني ساعدة هو وأصحابه) "سقيفة بني ساعدة" هي المكان الذي وقعت فيه البيعة لأبي بكر الصديق بالخلافة، والسقيفة العريش الذي يستظل به.
(ثم قال: أسقنا. لسهل) في ملحق الرواية "قال: أسقنا يا سهل" "اسقنا" ضبط في نسخ البخاري بهمزة وصل، وفي نسخ مسلم بهمزة قطع، وفي كتب اللغة: سقى بفتح القاف، يسقى بكسرها يتعدى لمفعولين، يقال: سقاه عسلاً، ويقال: أسقاه عسلاً، رباعي، وفي التنزيل {وأسقيناكم ماء فراتاً}[المرسلات: ٢٧].
وسهل بن سعد من بني عمومة أبي أسيد الساعدي، وكان إذ ذاك صبياً فقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس عشرة سنة، وتوفي سهل سنة ثمان وثمانين، ويقال: إنه آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة. قال الحافظ ابن حجر: ووقع عند أبي نعيم "فقال: اسقنا يا أبا سعد" قال: والذي أعرفه في كنية سهل بن سعد أبو العباس، فلعل له كنيتين، أو كان الأصل: يا ابن سعد، فتحرفت. اهـ
(ثم استوهبه بعد ذلك عمر بن عبد العزيز، فوهبه له) كان عمر بن عبد العزيز حينئذ قد ولي إمرة المدينة.