في البخاري وفيه "لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك" ولعل ابن بطال أراد أنه لم يواجهها بلفظ الطلاق، قال الحافظ: واعترض بعضهم بأنه لم يتزوجها، إذ لم يجر ذكر صورة العقد، وامتنعت أن تهب نفسها له، فكيف يطلقها؟ قال: والجواب أنه صلى الله عليه وسلم كان له أن يزوج نفسه بغير إذن المرأة، وبغير إذن وليها، فكان مجرد إرساله إليها وإحضارها، ورغبته فيها كافياً في ذلك، ويكون قوله "هبي لي نفسك" تطييباً لخاطرها، واستمالة لقلبها، ويؤيده قوله في رواية ابن سعد "إنه اتفق مع أبيها على مقدار صداقها، وأن أباها قال له: إنها رغبت فيك، وخطبت إليك.
١٢ - وفيه أثر الكلمة التي ترفع صاحبها وتسعده، والكلمة التي تتعس صاحبها وتشقيه.
١٣ - ومن الرواية الثالثة عشرة، من قوله "أسقنا يا سهل" مباسطة الأصدقاء والأحبة وملاطفتهم.
١٤ - واستدعاء ما عنده من مأكول ومشروب.
١٥ - ومن شربهم في القدح جواز الشرب في الأقداح -والقدح هو الكأس ذو القاعدة العريضة- قال الحافظ ابن حجر: والشرب في القدح من شعار الفسقة، لكن ذلك بالنظر إلى المشروب، وإلى الهيئة الخاصة بهم- أي كانوا يشربون فيه الخمر، ويجتمعون على الشرب بالفجور والصياح والعصيان- فيكره التشبه بهم، ولا يلزم من ذلك كراهة الشرب في القدح، إذا سلم من ذلك.
١٦ - ومن الحرص على الشرب من قدح شرب منه النبي صلى الله عليه وسلم التبرك بآثار الصالحين. قاله الحافظ ابن حجر، وقال النووي: فيه التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وما مسه أو لبسه، أو كان منه فيه سبب، وهذا نحو ما أجمعوا عليه، وأطبق السلف والخلف عليه من التبرك بالصلاة في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الروضة الكريمة، ودخول الغار الذي دخله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، ومن هذا إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا طلحة شعره، ليقسمه بين الناس، وإعطاؤه صلى الله عليه وسلم حقوه، لتكفن فيه بنته رضي الله عنها، وجعله الجريدتين على القبرين، وجمعت بنت ملحان عرقه صلى الله عليه وسلم، وتمسحوا بوضوئه صلى الله عليه وسلم، وأشباه هذه كثيرة مشهورة في الصحيح، وكل ذلك واضح لا شك فيه.
١٧ - ومن استيهاب عمر بن عبد العزيز للقدح استيهاب الصديق ما لا يشق على صديقه هبته، قال الحافظ: ولعل سهلاً سمح بذلك لبدل كان عنده من ذلك الجنس، أو لأنه كان محتاجاً، فعوضه المستوهب ما يسد به حاجته.