ليلة، ينزل فيها وباء، لا يمر بإناء ليس عليه غطاء، أو سقاء ليس عليه وكاء، إلا نزل فيه من ذلك الوباء" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغ عن الله تعالى.
خمروا آنيتكم، واربطوا فم قربتكم، وغطوا أواني شرابكم، واذكروا الله عليها يحفظها الله، ويحفظكم من أضرارها، وأغلقوا أبوابكم في الليل وعند النوم، فالباب المغلق يعرقل الشرور، يعطل اللص، ويمنع الأذى، ويستر العورات، ويهب النائم الأمن والاطمئنان فإن شياطين الإنس والجن والمؤذيات من المفترسات والهوام لا تفتح بسهولة باباً مغلقاً، واذكروا اسم الله عند إغلاق الأبواب، تتدخل العناية الإلهية مع الأخذ بالأسباب.
وأطفئوا السراج عند النوم، وأطفئوا النيران عند النوم، فإن النار من أخطر أعدائكم يخشى عليكم أن تشتعل فتحرق البيت وتحرقكم وأنتم غارقون في نومكم، فإن الفأرة قد تجر النار من أماكنها إلى الفراش، وقد فعلت مثل ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وامنعوا صبيانكم ومواشيكم وما تخافون عليه من متحركات أموالكم من الخروج في مدخل الليل، فإن الأخطار في هذا الوقت أكثر وقوعاً منها في غيره، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا كان جنح الليل فاحبسوا أولادكم، فإن الله يبث من خلقه باليل، ما لا يبثه بالنهار، وإن للشياطين انتشاراً أو خطفة" وإن الصبيان لا يملكون الدفاع عن النفس، فليسوا كالكبار.
-[المباحث العربية]-
(بقدح لبن) الإضافة على معنى "من" وقد صرح بها في الرواية الثالثة، وفي الرواية الثانية "فجاء بقدح فيه نبيذ" فهو نبيذ من لبن.
(من النقيع) قال النووي: روي بالنون، وبالباء، حكاهما القاضي عياض، والصحيح الأشهر الذي قاله الخطابي والأكثرون بالنون، وهو موضع بوادي العقيق، وهو الذي حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعي النعم، اهـ وقال ابن التين: رواه بعضهم بالباء، وهو تصحيف، فإن البقيع مقبرة المدينة، وقال القرطبي: الأكثرون على النون، وهو من ناحية العقيق على عشرين فرسخاً من المدينة.
وكان وادياً يجتمع فيه الماء، والماء الناقع هو المجتمع، وعن الخليل: النقيع الوادي الذي يكون فيه الشجر.
وفي الرواية الثانية "قال جابر: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستسقى، فقال رجل: يا رسول الله، ألا نسقيك نبيذا؟ فقال: بلى. قال: فخرج يسعى، فجاء بقدح، فيه نبيذ" وفي الرواية الثالثة "جاء رجل يقال له: أبو حميد، بقدح من لبن من النقيع" فالنبيذ من لبن، تغير، ولم يشتد، ولم يصر مسكراً وظاهر هذه الروايات أن سبب الإتيان بقدح اللبن هو عطش الرسول صلى الله عليه وسلم، وطلبه أن يسقى، وأن الرجل المبهم في الرواية الثانية هو أبو حميد الساعدي، وأن جابرا حضرها، فرواها، عن مشاهدته، كما هو ظاهر