للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(وكانت يدي تطيش في الصحفة) أي عند أكلي معه صلى الله عليه وسلم في يوم من الأيام، ومعنى "تطيش" تتحرك وتميل إلى نواحي القصعة، ولا تقتصر على موضع واحد، قال الطيبي: والأصل أطيش بيدي، فأسند الطيش إلى اليد مبالغة، وقال غيره: معنى "تطيش" تخف وتسرع، وفي الرواية الثامنة "فجعلت آخذ من لحم حول الصحفة" أي من جوانبها، وعند البخاري "أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاماً، فجعلت آكل من نواحي الصحفة".

والصحفة إناء يشبع الخمسة، وقيل: الصحفة كالقصعة، وجمعها صحاف، وعند الترمذي، عن عمر بن أبي سلمة، "أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده طعام، فقال: ادن يا بني .... " وعند البخاري "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام، وعنده ربيبه" ويجمع بينهما أن مجيء الطعام وافق دخوله.

(فقال لي: يا غلام) يقال للصبي من حين يولد إلى أن يبلغ الحلم غلام، وقد ذكر ابن عبد البر أن عمر رضي الله عنه ولد في السنة الثانية من الهجرة، ولد بأرض الحبشة، قال الحافظ ابن حجر: والصواب أنه ولد قبل ذلك: فقد صح في حديث عبد الله بن الزبير أنه قال "كنت أنا وعمر بن أبي سلمة مع النسوة يوم الخندق، وكان أكبر مني بسنتين، ومولد ابن الزبير في السنة الأولى على الصحيح، فيكون مولد عمر قبل الهجرة بسنتين.

(سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك) الأمر بالشيء إنما يصدر عند من لا يلتزمه غالباً، فالأمر بالأكل مما يلي واضح، أما الأمر بالتسمية، وبالأكل باليمين، فليس في الحديث إشارة إلى أن عمر رضي الله عنه كان مقصراً فيهما، فيتحمل أن الأمر بهما إرشاد عام، ويحتمل أنه كان مقصراً فيهما أيضاً، ولم يذكرهما في التقصير اكتفاء بذكر التقصير الأكبر، وقد جاء عند البخاري زيادة قول عمر: "فما زالت تلك طعمتي بعد" بكسر الطاء وسكون العين، أي فما زالت تلك الأوامر ملتزمة في صفة أكلي بعد ذلك، وصارت عادة لي.

(نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية) فسره في الرواية العاشرة بقوله "أن يُشرب من أفواهها" وفسره في ملحقها بقوله "واختناثها أن يقلب رأسها، ثم يشرب منه" وفسره في رواية البخاري بقوله "يعني أن تكسر أفواهها، فيشرب منها" وهذا التفسير مدرج، ويحمل التفسير المطلق، وهو الشرب من أفواهها، على المقيد بكسر فمها، أو قلب رأسها.

والاختناث في الأصل التكسر والانطواء، ومنه سمي الرجل المتشبه بالنساء في طبعه وكلامه وحركاته مخنثاً، والأفواه جمع فم، وهو على سبيل الرد إلى الأصل في الفم، وأنه فوه، بضم الفاء، ومنه فاه بالقول، وتفوه به، نقصت منه الهاء، لاستثقال هاءين عند الضمير، لو قيل: فوهه، فلما لم يحتمل حرف الواو بعد حذف الهاء، الإعراب، لسكونها، عوضت ميماً، فقيل: فم، وهذا إذا أفرد، ويجوز أن يقتصر على الفاء إذا أضيف، لكن تزاد حركة مشبعة، يختلف إعرابها بالحروف.

(زجر عن الشرب قائماً) في الرواية الثانية عشرة "نهى أن يشرب الرجل قائماً" وذكر الرجل ليس للاحتراز، بل كذلك المرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>