بما فسره اصطلاح مضيق، إذ تقديم مصلحة الغير على مصلحة نفسه إيثار، والقاعدة التي ذكرها غير متفق عليها، فقد أجازوا تنازل الأحق بالإمامة لمن هو دونه في الأحقية، وهو إيثار بالقرب. والله أعلم.
٢٢ - واستدل بالحديث على جواز هبة الواحد للجماعة شيئاً على سبيل المشاع.
٢٣ - قال بعضهم: وفي الحديث أنه يجوز هبة الشيء المملوك مشاعاً لجماعة، وهو قول الجمهور، خلافاً لأبي حنيفة في هبة ما يقبل القسمة، قال: والحديث ظاهر في ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الغلام أن يهب نصيبه للأشياخ، وكان نصيبه منه مشاعاً غير متميز، فدل على صحة هبة المشاع. كذا قال الحافظ ابن حجر، مؤيداً بذلك ابن بطال، والتحقيق أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسأل الغلام هبة نصيبه من اللبن، فنصيبه من اللبن مشاعاً باق له، وإنما سأله التنازل عن حق الترتيب، وعن حق اتصال شربه بسؤر النبي صلى الله عليه وسلم ولذلك كان اعتذاره رفض التنازل عن هذا الحق "لا أوثر بنصيبي منك أحداً" فليس في الحديث هبة المملوك مشاعاً لآخرين، لكن فيه هبة المملوك على التعيين، نعم فيه هبة صاحب اللبن لبنه لجماعة على سبيل المشاع.