للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رجل من الأنصار، يقال له: أبو طلحة ... " وبذلك جزم الخطيب، لكنه قال: أظنه غير أبي طلحة زيد بن سهل المشهور، وكأنه استبعد ذلك من وجهين: أحدهما أن أبا طلحة زيد بن سهل مشهور، لا يحسن أن يقال فيه "فقام رجل يقال له أبو طلحة" والثاني أن سياق القصة يشعر بأنه لم يكن عنده ما يتعشى به هو وأهله، حتى احتاج إلى إطفاء السراج، وأبو طلحة زيد بن سهل كان أكثر أنصار المدينة مالاً، فيبعد أن يكون بتلك الصفة من التقلل، ويمكن الجواب عن الاستبعادين. اهـ

ويمكن الجواب عن الاستبعاد الأول باحتمال كون الرجل المشهور عند الناس غير مشهور عند أبي هريرة، وأبو هريرة في ذلك الوقت كان جديداً على أهل المدينة، وعن الاستبعاد الثاني باحتمال أن يكون بيت الغني خالياً في ليلة لأمر ما. والله أعلم.

(فانطلق به إلى رحله) أي إلى منزله، ورحل الإنسان هو منزله الذي يرحل إليه بعد السعي والتنقل، سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر، وفي كتب اللغة: الرحل مسكن الإنسان.

(إلا قوت صبياني) لم تذكر نفسها وزوجها، ربما لأنهما كانا قد تعشيا، وكان صبيانهما حين عشائهما في شغلهم أو نياماً، فأخرا لهم ما يكفيهم، ويحتمل أنها نسبت العشاء إلى الصبية لأنهم أشد طلباً إليه، قال الحافظ: وهذا هو المعتمد، لقوله في رواية "ونطوي بطوننا الليلة" وفي آخر هذه الرواية "فأصبحا طاويين" وعند مسلم -روايتنا الثانية "فلم يكن عنده إلا قوته وقوت صبيانه".

(قال: فعلليهم بشيء) في الرواية الثانية "نومي الصبية" يقال علله بشيء إذا شغله به وألهاه. والمعنى اشغليهم عن طلب الطعام حتى يناموا.

(فإذا دخل ضيفنا فأطفئي السراج، وأريه أنا نأكل، فإذا أهوى ليأكل فقومي إلى السراج، حتى تطفئيه) في الرواية الثانية "نومي الصبية، وأطفئي السراج، وقربي للضيف ما عندك" وفي رواية البخاري "هيئي طعامك، وأصبحي سراجك، أي أوقديه -ونومي صبيانك إذا أرادوا عشاء، فهيأت طعامها، وأصبحت سراجها، ونومت صبيانها، ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته، فجعلا يريانه أنهما يأكلان" والحاصل أنها أوقدت السراج، ليدخل الضيف في النور، وقدمت الطعام بين يديه، ثم قامت إلى السراج كأنها تصلحه فأطفأته، ثم تظاهرت بأنها تحاول إصلاحه فلا يصلح، فيقول لها زوجها: دعيه وتعالي نأكل، فيتظاهران بالأكل في الظلام ولا يأكلان.

(فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم) أي أصبح إليه، وبكر للقائه.

(قد عجب الله من صنيعكما -الليلة) في رواية "بصنيعكما" فالباء للسببية، وفي رواية للبخاري "ضحك الله الليلة -أو عجب من فعالكما" قال الحافظ ابن حجر: نسبة الضحك والتعجب إلى الله مجازية، والمراد بهما الرضا بصنيعهما. اهـ وقال القاضي عياض: المراد بالعجب من الله الرضا، وقد يكون المراد: عجبت ملائكة الله، وأضافه إليه سبحانه وتعالى تشريفاً، ويقول السلف: ضحك تعالى وعجب ضحكاً وعجباً يليق بجلاله عز

<<  <  ج: ص:  >  >>