وجل، والكلام في الصفات كالكلام في الذات، إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} [الشورى: ١١].
فنزلت هذه الآية {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة} هذا هو الأصح في سبب نزول الآية، وعند ابن مردويه عن ابن عمر "أهدي لرجل رأس شاة، فقال: إن أخي وعياله أحوج منا إلى هذا، فبعث به إليه، فلم يزل يبعث به واحد إلى آخر، حتى رجعت إلى الأول بعد سبعة، فنزلت" ويحتمل أن يتعدد السبب لنازل واحد.
(أقبلت أنا وصاحبان لي) أي من محل إقامتنا إلى مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ويبدو أن هذا القدوم كان في وقت مجاعة، فإن المقداد بن الأسود كان فارساً يوم بدر، حتى لم يثبت أن أحداً كان على فرس يوم بدر غيره.
(فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) "جعل" هنا من أفعال الشروع، أي أخذنا وشرعنا نعرض أنفسنا جياعا، نطلب أن يضيفنا أحد منهم.
(فليس أحد منهم يقبلنا) لعدم امتلاكه قراناً وطعامنا، وهذا محمول على أن الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا مقلين ليس عندهم شيء يواسون به.
(فانطلق بنا إلى أهله) أي إلى بيت إحدى أمهات المؤمنين، والجملة معطوفة على محذوف، أي فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه بحالنا، فانطلق بنا.
(فإذا ثلاثة أعنز) جمع عنز، أي فاجأنا في بيته ثلاثة من العنز.
(احتلبوا هذا اللبن بيننا) الإشارة إلى اللبن في ضرع الأعنز، أي احتلبوه، واجعلوه بيننا، أنا وأنتم الثلاثة، كل واحد منا له شرب، والظاهر أنه لم يشرك في هذا اللبن زوجه صاحبة البيت، ويبدو أنهم أقاموا في جانب من هذا البيت، يشربون من ألبان الأعنز ليالي وأياماً.
(ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه) أي ونحتفظ له بنصيبه حتى يعود ليلاً.
(فيجيء من الليل، فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقطان، ثم يأتي المسجد، فيصلي، ثم يأتي شرابه) الظاهر أن المجيء الأول كان في أول الليل من شغله صلى الله عليه وسلم إلى بيته قبل صلاة العشاء، وكان يؤخرها أحياناً، فينام بعض الناس.
(فأتاني الشيطان ذات ليلة) أي وسوس لي، وفي القرآن الكريم على لسان إبليس {ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم} [الأعراف: ١٧].
(فقال) أي فقال الشيطان في وسوسته لي: