(محمد يأتي الأنصار) أي كرماء الأنصار وأغنياءهم، زائراً، أو مدعوا، أو لمصلحة.
(فيتحفونه) أي يكرمونه، ويقدمون له أعز ما عندهم من طعام وشراب، حباً وتقديراً وتبركاً.
(فيصيب عندهم) المفعول محذوف، أي فيصيب طعاماً وشراباً عندهم.
(ما به حاجة إلى هذه الجرعة) من اللبن، والجرعة بضم الجيم وفتحها مع سكون الراء حكاهما ابن السكيت وغيره، وهي حثوة قدر ما يملأ الفم، والفعل منه جرع يجرع من باب فتح، وجرع يجرع من باب علم.
(فلما أن وغلت في بطني، وعلمت أنه ليس إليها سبيل) يقال: وغل في الشيء بفتح الغين يغل بكسرها وغولاً أمعن فيه، ودخل فيه وتوارى وتمكن، والمعنى: فلما دخلت الجرعة بطني وتمكنت، ولم يعد لي عليها سبيل، وقضي الأمر، ولا أستطيع الرجوع فيها.
(ندمني الشيطان) بتشديد الدال، أي أخذ يثير الندم في نفسي، ويؤنبني، ويتخلى عني، وهكذا هو، يقول تعالى: {وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي} [إبراهيم: ٢٢]-أي ما أنا بمغيثكم وما أنتم بمغيثي".
(وعلى شملة إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرج قدماي، وجعل لا يجيئني النوم) "جعل" هنا للصيرورة، و"النوم" اسمها مؤخر، و"لا يجيئني" خبرها مقدم، أي وصار النوم لا يجيئني، بسبب قلقي وخوفي وتفكيري، وبسبب غطائي القاصر، والشملة كساء من صوف أو شعر، يتغطى به، ويتلفف به.
(وأما صاحباي فناما، ولم يصنعا ما صنعت) حتى يصيبهما القلق مثلي.
(ثم أتى شرابه) أي إناء شرابه.
(اللهم أطعم من أطعمني، وأسق من أسقاني) التعبير بالماضي بدل المضارع، والمراد: اللهم أطعم من يطعمني، واسق من يسقيني، و"سقى" الثلاثي لازم ومتعد، أما "أسقى" الرباعي فهو متعد.
(فعمدت إلى الشملة، فشددتها علي) معطوف على محذوف، أي فقمت ووقفت وقصدت الشملة فالتففت بها.
(فانطلقت إلى الأعنز. أيها أسمن فأذبحها) أي قاصداً معرفة الأسمن منها فأذبحها. أو قائلاً في نفسي: أيها أسمن؟ .