للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجمع بين قوله "فأكل منها أبو بكر، وقال: إنما كان ذلك من الشيطان" وبين قوله بعد "ثم أكل منها لقمة" والظاهر الراجح أن سبب أكله لجاج الأضياف، وحلفهم أنهم لا يطعمون إلا إذا طعم، مستعملاً مكارم الأخلاق في إكرام ضيفانه، ولكونه أقدر منهم على الكفارة إذا حنث نفسه.

(ثم حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصبحت عنده) أي حمل الجفنة بما فيها من طعام بعد أكلهم، وفي الرواية السابعة "فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم".

(وكنا بيننا وبين قوم عقد ... إلخ) مقصوده الدخول على أكل الجيش من الجفنة المباركة.

(فعرفنا اثنا عشر رجلاً، مع كل رجل منهم أناس، الله أعلم كم مع كل رجل؟ إلا أنه بعث معهم) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ "فعرفنا" بالعين وتشديد الراء، أي جعلنا عرفاء للعساكر، وفي كثير من النسخ "ففرقنا" بالفاء المكررة في أوله، وبقاف، من التفريق، أي جعلنا مع كل رجل من الاثنى عشر فرقة، وقوله "اثنا عشر" مفعول "عرفنا" أو "فرقنا" وهكذا هو في معظم الأصول، وفي نادر منها "اثنى عشر" قال النووي: وكلاهما صحيح، والأول جار على لغة من جعل المثنى بالألف في الرفع والنصب والجر، وهي لغة أربع قبائل من العرب. قال شاعرهم:

إن أباها وأبا أباها

قد بلغا في المجد غايتاها

وقوله "الله أعلم كم مع كل رجل" يعني أنه تحقق أنه جعل عليهم اثنا عشر عريفاً، لكنه لا يدري كم كان تحت يد كل عريف منهم، لكنه يجزم بأنه بعث ناس مع كل عريف.

(فأكلوا منها أجمعون) أي أكل جميع الجيش من تلك الجفنة، التي أرسل بها أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وظهر بذلك أن تمام البركة في الطعام المذكور كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم لأن الذي وقع فيها في بيت أبي بكر ظهور أول البركة فيها، وأما انتهاؤها إلى أن تكفي الجيش كلهم فما كان إلا بعد أن صارت عند النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد روى أحمد والترمذي والنسائي عن سمرة قال: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها ثريد، فأكل وأكل القوم، فما زالوا يتداولونها إلى قريب من الظهر، يأكل قوم، ثم يقومون، ويجيء قوم، فيتعاقبونهم، فقال رجل: هل كانت تمد بطعام؟ قال: أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تمد من السماء" قال بعض العلماء: يحتمل أن تكون هذه القصعة هي التي وقع فيها في بيت أبي بكر ما وقع.

(بروا، وحنثت) أي بروا في يمينهم ألا يطعموا إلا أن أطعم معهم، وحنثت في يميني أن لا أطعم.

(بل أنت أبرهم وأخيرهم) أي أكثرهم طاعة، وخير منهم، لأنك حنثت في يمينك حنثاً مندوباً إليه مرغوباً فيه، فأنت أفضل منهم.

قال النووي: وأخيرهم" هكذا هو في جميع النسخ، بالألف، وهي لغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>