للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فإذا هي كما هي أو أكثر) أي فإذا الجفنة كما كانت أولاً أو أكثر، وفي رواية للبخاري "فإذا شيء أو أكثر" أي فإذا هي الشيء السابق أو أكثر.

(يا أخت بني فراس. ما هذا؟ ) انظري ما هذا الذي أرى؟ هل ترين الجفنة تنقض؟ يخاطب أبو بكر امرأته، متعجباً، يكاد لا يصدق عينيه، وبنو فراس، بكسر الفاء وتخفيف الراء، ابن غنم بن مالك بن كنانة، والعرب تطلق على من كان منتسباً إلى قبيلة أنه أخوهم، وقد تقدم أن أم رومان من ذرية الحارث بن غنم، وهو أخو فراس بن غنم، فلعل أبا بكر نسبها إلى بني فراس لكونهم أشهر من بني الحارث، ويقع في النسب كثير من ذلك، وقال النووي: التقدير: يا من هي من بني فراس، وفيه نظر، لأنها -كما تقدم ليست من بني فراس، وقيل: المعنى يا أخت القوم المنتسبين إلى بني فراس، ولا شك أن الحارث أخو فراس، فأولاد كل منهما إخوة للآخرين، لكونهم في درجتهم. قال الحافظ ابن حجر: وحكى عياض أنه قيل في أم رومان: إنها من بني فراس بن غنم، لا من بني الحارث، وعلى هذا فلا حاجة إلى هذا التأويل. ولم أر في كتاب ابن سعد لها نسباً إلا إلى بني الحارث بن غنم، مع أنه ساق لها نسبين مختلفين.

(قالت: لا. وقرة عيني، لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار) في رواية البخاري "لهي الآن أكثر مما قبل بثلاث مرار".

قال النووي: قال أهل اللغة: قرة العين يعبر بها عن المسرة، ورؤية ما يحبه الإنسان ويوافقه قيل: إنما قيل ذلك لأن عينه تقر، لبلوغه أمنيته، فلا يستشرف لشيء، فيكون مأخوذ من القرار، وقيل: مأخوذاً من القر، بالضم، وهو البرد، أي عينه باردة لسرورها، وعدم مقلقها، قال الأصمعي وغيره: أقر الله عينه، أي أبرد دمعته، لأن دمعة الفرح باردة، ودمعة الحزن حارة، ولهذا يقال في ضده: أسخن الله عينه. قال الداودي: أرادت بقرة عينها النبي صلى الله عليه وسلم، فأقسمت به، ولفظة "لا" في قولها "لا. وقرة عيني" زائدة، ولها نظائر مشهورة، ويحتمل أنها نافية، وفيه محذوف، أي لا شيء غير ما أقول، وهو "وقرة عيني لهي أكثر منها".

(فأكل منها أبو بكر، وقال: إنما كان ذلك من الشيطان -يعني يمينه) أي إنما كان الشيطان الحامل لي على أن أحلف، وأبعد من قال: إن الإشارة للقمة التي أكلها، أي هذه اللقمة آكلها لقمع الشيطان وإرغامه، لأنه قصد بتزيينه لي اليمين إيقاع الوحشة بيني وبين أضيافي، فأخزاه أبو بكر بالحنث الذي هو خير، ومعنى هذا أن "من" في "من الشيطان" للتعليل، فسبب أكله على هذا إرغام الشيطان، وقيل: إن سبب أكله ما رآه من البركة في الطعام، وهو بعيد أيضاً، إذ البركة ظهرت بالأكل، لا قبله، على أن البخاري أخرج في الأدب "فحلفت المرأة لا تطعمه حتى تطعموه، فقال أبو بكر: كأن هذه من الشيطان، فدعا بالطعام، فأكل، وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون اللقمة إلا ربا من أسفلها" قال الحافظ ابن حجر: ويحتمل أن يكون أبو بكر أكل لأجل تحليل يمينهم شيئاً، ثم لما رأى البركة الظاهرة عاد، فأكل منها، لتحصل له. اهـ فمفعول "أكل منها أبو بكر" محذوف، أي لقمة، وبهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>