بعضهم على الزهري، ولا يصح. قال: وفي الباب حديث عياض بن حماد أخرجه أبو داود والترمذي وغيرهما، عن عياض قال: "أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة، فقال: أسلمت؟ قلت: لا. قال: إني نهيت عن زبد المشركين" والزبد بفتح الزاي وسكون الباء الرفد، صححه الترمذي وابن خزيمة.
وجمع الطبري بأن الامتناع فيما أهدى له خاصة، والقبول فيما أهدى للمسلمين، وقيل: يحمل القبول على من كان من أهل الكتاب، والرد على من كان من أهل الأوثان، ورد هذا بأن هذا الأعرابي كان وثنياً، وقيل: إن القبول من خصائصه صلى الله عليه وسلم، ويمتنع ذلك لغيره من الأمراء، وقيل: إن أحاديث القبول نسخت المنع، وقيل: إن أحاديث المنع نسخت أحاديث القبول، وأقوى أوجه الجمع أن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والقبول في حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الإسلام.
٢١ - وفي الحديث ظهور البركة في الاجتماع على الطعام.
٢٢ - وفيه القسم لتأكيد الخبر، وإن كان المخبر صادقاً، وذلك إذا كان الخبر غريباً.
٢٣ - ومن قوله "فأكلنا منهما أجمعون وشبعنا" جواز الشبع، وقد مر الكلام على الشبع وحدوده وحكمه في المأخذ رقم [٤٣] في باب: الضيف يتبعه غير من دعي وتكثير الطعام ببركة النبي صلى الله عليه وسلم.
٢٤ - ومن الرواية السادسة والسابعة، حديث، ضيف أبي بكر أنه إذا حضر ضيفان كثيرون فينبغي للجماعة أن يتوزعوهم، ويأخذ كل واحد منهم من يحتمله.
٢٥ - وأنه ينبغي لكبير القوم أن يأمر أصحابه بذلك.
٢٦ - وأن كبير القوم يأخذ من يمكنه منهم.
٢٧ - وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ بأفضل الأمور، وأنه صلى الله عليه وسلم كان يسبق إلى السخاء والجود، فإن عيال النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قريباً من عدد ضيفانه هذه الليلة، فأتى بنصف طعامه أو نحوه، وأتى أبو بكر رضي الله عنه بثلث طعامه أو أكثر، وأتى الباقون بدون ذلك.
٢٨ - وفي إرسال أبي بكر للأضياف، وذهابه للنبي صلى الله عليه وسلم جواز ذهاب من عنده ضيفان إلى أشغاله ومصالحه، إذا كان له من يقوم بأمورهم، ويسد مسده.
٢٩ - وفيه ما كان عليه أبو بكر رضي الله عنه من الحب للنبي صلى الله عليه وسلم، والانقطاع إليه، وإيثاره في ليله ونهاره على الأهل والأولاد والضيفان وغيرهم.
٣٠ - وفيه جواز امتناع الضيف عن الطعام حتى يشاركه فيه صاحب البيت، قال النووي: قال العلماء: الصواب للضيف ألا يمتنع مما أراده المضيف من تعجيل طعام وتكثيره وغير ذلك من أموره، إلا أن يعلم أنه يتكلف ما يشق، حياء منه، فيمنعه برفق، ومتى شك لم يعترض عليه، ولم يمتنع، فقد يكون للمضيف عذر أو غرض في ذلك لا يمكنه إظهاره، فتلحقه المشقة بمخالفة الأضياف.
٣١ - وفي سب أبي بكر ابنه جواز ذلك إذا وقع من الابن ما لا يرضاه أبوه، وذلك على وجه التأديب والتمرين على أعمال الخير وتعاطيه.