٣٢ - ومن قوله "كلوا لا هنيئاً" جواز الدعاء على من لم يحصل منه الإنصاف، ولاسيما عند الحرج والتغيظ، وذلك أنهم تحكموا على رب المنزل بالحضور معهم، ولم يكتفوا بولده، مع إذنه لهم في ذلك، وكأن الذي حملهم على ذلك رغبتهم في التبرك بمؤاكلته.
٣٣ - ومن أهل الصفة جواز التجاء الفقراء إلى المساجد، عند الاحتياج إلى المواساة، إذا لم يكن في ذلك إلحاح، ولا إلحاف، ولا تشويش على المصلين.
٣٤ - واستحباب مواساتهم عند اجتماع هذه الشروط.
٣٥ - وفي موقف أم رومان في هذه القصة تصرف المرأة فيما تقدم للضيف، والإطعام بغير إذن خاص من الرجل.
٣٦ - وفيه جواز الحلف على ترك المباح.
٣٧ - قال الحافظ ابن حجر: وفيه جواز الحنث بعد عقد اليمين.
٣٨ - وفيه أن من حلف على يمين، فرأى غيرها خيراً منها فعل ذلك، وكفر عن يمينه، قال النووي: كما جاءت به الأحاديث الصحيحة. اهـ وسيأتي قريباً مزيد لهذه المسألة.
٣٩ - قال الحافظ ابن حجر: استدل بقوله "ولم تبلغني كفارة" على أنه لا تجب كفارة في يمين اللجاج والغضب، ولا حجة فيه، لأنه لا يلزم من عدم الذكر عدم الوجود، فلمن أثبت الكفارة أن يتمسك بعموم قوله تعالى:{ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين ... }[المائدة: ٨٩] قال: ويحتمل أن يكون ذلك وقع قبل مشروعية الكفارة في الأيمان، لكن يعكر عليه حديث عائشة "أن أبا بكر لم يكن يحنث في يمين، حتى نزلت الكفارة" وقال النووي: قوله "ولم تبلغني كفارة" يعني أنه لم يكفر قبل الحنث، فأما وجوب الكفارة فلا خلاف فيه. كذا قال، وقال غيره: يحتمل أن يكون أبو بكر لما حلف أن لا يطعمه أضمر وقتاً معيناً، أو صفة مخصوصة، أي لا أطعمه الآن، أو لا أطعمه عند الغضب، وهو مبني على أن اليمين تقبل التقييد في النفس، وفي ذلك خلاف، على أن قول أبي بكر "والله لا أطعمه أبداً" يمين مؤكدة، ولا تحتمل أن تكون من لغو الكلام، ولا من سبق اللسان، ولا الاستثناء النفسي.
٤٠ - وفي الحديث التبرك بطعام الأولياء والصلحاء.
٤١ - وفيه عرض الطعام الذي تظهر فيه البركة على الكبار، وقبولهم ذلك.
٤٢ - قال الحافظ ابن حجر: وفيه العمل بالظن الغالب، لأن أبا بكر ظن أن عبد الرحمن فرط في أمر الأضياف، فبادر إلى سبه، وقوى القرينة عنده اختباؤه منه.
٤٣ - وفيه وقوع لطف الله بأوليائه، وذلك أن خاطر أبي بكر تشوش، وكذلك ولده وأهله وأضيافه، بسبب امتناع الأضياف من الأكل، وتكدر خاطر أبي بكر من ذلك، فتدارك الله ذلك، ورفعه عنه بالكرامة التي أبداها له، فانقلب ذلك الكدر صفاء، والنكد سروراً.