للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعلى الرغم من أن الإسلام لا يحدد لأبنائه لوناً معيناً في ثيابهم، بل يبيح لهم ما اتفق لهم من الألوان فقد جاءت أحاديث تنهى عن لون معين، أو ترغب في لون معين، رغبت في الثوب الأبيض، وهنا في هذا الباب تنهى عن اللون الأحمر الفاقع، عللت الرواية الأولى النهي بأنها من ثياب الكفار، والإسلام لا يحب التشبه بزي الكفار، وأشارت الرواية الثانية إلى أن العلة التشبه بالنساء، وقال بعض العلماء: إن العلة ما فيه من الزهو والخيلاء.

والحق أن لكل زمان لبوساً، ولكن بيئة لبوسها وزيها، مع اختلاف في هيئته ولونه وصنفه اختلافاً ينتقده أهل زمان على أهل زمان، وأهل مكان على أهل مكان، ومادام نوع اللباس حلالاً، لا إثم فيه، فالأمر على الاتساع الشرعي، لكن مروءة المسلم تلزمه بمراعاة مشاعر بيئته، فإن خرج عما يألفه الناس خرمت مروءته، وردت روايته وشهادته. والله الهادي سواء السبيل.

-[المباحث العربية]-

(ثوبين معصفرين) أي أزاراً ورداء، والعصفر بضم العين والفاء، بينهما صاد ساكنة، نبات صيفي، له زهر يعلو أنبوباً، يستعمل زهره من التوابل، ويستخرج منه صبغة حمراء، شديدة الحمرة، يصبغ بها الحرير ونحوه، فالمعنى: ثوبين مصبوغين بالعصفر. أما الزعفران -وسيأتي حديثه بعد أبواب- فهو نبات بصلي، معمر، منه نوع صبغي مشهور، يصبغ به الحرير ونحوه، ولونه أصفر، شديد الصفرة.

(أأمك أمرتك بهذا؟ ) معناه أن هذا من لباس النساء وزيهن، وأخلاقهن.

-[فقه الحديث]-

قال النووي: اختلف العلماء في الثياب المعصفرة، وهي المصبوغة بعصفر، فأباحها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك، لكنه قال: غيرها أفضل منها، وفي رواية عنه أنه أجاز لبسها في البيوت وأفنية الدور، وكرهه في المحافل والأسواق ونحوها.

ويميل البيهقي -وهو شافعي- إلى كراهته، ويعتذر عن الشافعي، فيقول: نهى الشافعي الرجل عن المزعفر، فقال: أنهي الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر، قال: وآمره إذا تزعفر أن يغسله، وأباح المعصفر، وقال: إنما رخصت في المعصفر، لأني لم أجد أحداً يحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عنه، إلا ما قال علي رضي الله عنه: "نهاني، ولا أقول: نهاكم".

قال البيهقي: وقد جاءت أحاديث تدل على النهي عن العموم، ثم ذكر حديث عبد الله بن عمرو [روايتنا الأولى والثانية] ثم أحاديث أخر، ثم قال: ولو بلغت هذه الأحاديث الشافعي لقال بها إن شاء

<<  <  ج: ص:  >  >>