للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله، ثم ذكر بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال: إذا كان حديث النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي، فاعملوا بالحديث، ودعوا قولي، وفي رواية "فهو مذهبي" قال البيهقي: فتبع السنة في المزعفر فمتابعتها في المعصفر أولى، قال: وقد كره المعصفر بعض السلف، وبه قال أبو عبد الله الحليمي من أصحابنا، ورخص فيه جماعة، والسنة أولى بالاتباع.

أمام الأحاديث التي تدل على النهي عن لبس المعصفر، وما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء، وما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة" أمام هذا حمل جماعة النهي على كراهة التنزيه، وقال الخطابي: النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صبغ غزله، ثم نسج، فليس بداخل في النهي، وحمل بعض العلماء النهي هنا على المحرم بالحج أو العمرة، ليكون موافقاً لحديث ابن عمر "نهي المحرم أن يلبس ثوباً مسه ورس أو زعفران" وسيأتي الكلام عن ثوب الزعفران بعد أبواب.

قال الحافظ ابن حجر: وقد تلخص لنا من أقوال السلف في لبس الثوب الأحمر -ويشمل المعصفر- سبعة أقوال:

الأول الجواز مطلقاً، جاء ذلك عن علي وطلحة وعبد الله بن جعفر والبراء وغير واحد من الصحابة، وعن سعيد بن المسيب والنخعي والشعبي وأبي قلابة وأبي وائل وطائفة من التابعين.

القول الثاني المنع مطلقاً، لحديث عبد الله بن عمرو، وما نقله البيهقي، وعند الطبراني "أن عمر كان إذا رأى على الرجال ثوباً معصفراً جذبه، وقال: دعوا هذا للنساء" وعند أبي شيبة "الحمرة من زينة الشيطان، والشيطان يحب الحمرة" وعن عبد الله بن عمرو قال: "مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل، وعليه ثوبان أحمران، فسلم عليه، فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم" أخرجه أبو داود، والترمذي وحسنه، والبراز.

القول الثالث: يكره لبس الثوب المشبع بالحمرة، دون ما كان صبغه خفيفاً، جاء ذلك عن عطاء وطاوس ومجاهد، وكأن الحجة فيه حديث ابن عمر "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المفدم" بفاء ثم دال مشددة، وهو المشب بالعصفر، أخرجه ابن ماجه.

القول الرابع: يكره لبس الأحمر مطلقاً، لقصد الزينة والشهرة، ويجوز في البيوت والمهنة، جاء ذلك عن ابن عباس.

القول الخامس: يجوز لبس ما كان صبغ غزله ثم نسج، ويمنع ما صبغ بعد النسج، جنح إلى ذلك الخطابي، واحتج بأن الحلة الواردة في الأخبار، الواردة في لبسه صلى الله عليه وسلم الحلة الحمراء، إحدى حلل اليمن، وكذلك البرد الأحمر، وبرود اليمن يصبغ غزلها، ثم ينسج.

القول السادس: اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بما يصبغ بالمعصفر، لورود النهي عنه، ولا يمنع ما صبغ بغيره من الأصباغ.

القول السابع: تخصيص المنع بالثوب الذي يصبغ كله، وأما ما فيه لون آخر غير الأحمر، من بياض وسواد وغيرها فلا، وعلى ذلك تحمل الأحاديث الواردة في الحلة الحمراء، فإن الحلل اليمانية

<<  <  ج: ص:  >  >>