قال الحافظ: وورد في التختم في اليسار حديث ابن عمر، وحديث أنس، روايتنا الرابعة عشرة، وعند أبي الشيخ من حديث أبي سعيد "كان يلبس خاتمه في يساره" وعند البيهقي في الأدب "كان النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعلي والحسن والحسين يتختمون في اليسار".
قال الحافظ ابن حجر: وأما دعوى الداودي أن العمل على التختم في اليسار، فكأنه توهمه من استحباب مالك للتختم في اليسار، وهو يرجح عمل أهل المدينة، وفيه نظر، لأنه ظن أن ذلك عمل كل أهل المدينة، فقد جاء عن أبي بكر وعمر وجمع جم من الصحابة والتابعين بعدهم من أهل المدينة وغيرهم التختم في اليمين، قال البيهقي في الأدب: يجمع بين هذه الأحاديث بأن الذي لبسه في يمينه هو خاتم الذهب، والذي لبسه في يساره هو خاتم الفضة، وجمع غيره بأن لبس الخاتم أولاً في يمينه ثم حوله إلى يساره، فقد أخرج أبو الشيخ وابن عدي عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم تختم في يمينه، ثم إنه حوله في يساره" فلو صح هذا لكان قاطعاً للنزاع، ولكن سنده ضعيف. وأخرج ابن سعد "طرح رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمة الذهب، ثم تختم خاتماً من ورق، فجعله في يساره" وهذا مرسل أو معضل، وقد جمع البغوي في شرح السنة بذلك، وأنه تختم أولاً في يمينه، ثم تختم في يساره، وكان ذلك آخر الأمرين. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عن اختلاف الأحاديث في ذلك، فقال: لا يثبت هذا ولا ذاك، ولكن في يمينه أكثر. قال الحافظ ابن حجر: يظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف القصد، فإن كان اللبس للتزين به فاليمين أفضل، وإن كان للتختم به فاليسار أولى، لأنه كالمودع فيها، ويحصل تناوله منها باليمين، ويترجح التختم باليمين مطلقاً، لأن اليسار آلة الاستنجاء، فيصان الخاتم إذا كان في اليمين عن أن تصيبه النجاسة، ويترجح التختم في اليسار بما أشرت إليه من التناول، وجنحت طائفة إلى استواء الأمرين، وجمعوا بذلك بين مختلف الأحاديث. والله أعلم.
أما في أي الأصابع يكون الخاتم فيقول النووي: وأجمع المسلمون على أن السنة جعل خاتم الرجل في الخنصر، أما المرأة فتتخذ خواتيم في أصابع، قالوا: والحكمة في كونه في الخنصر أنه أبعد من الامتهان فيما يتعاطى باليد، لكونه طرفاً، ولأنه لا يشغل اليد عما تتناوله من أشغالها، بخلاف غير الخنصر، قال: ويكره للرجل جعله في الوسطى والتي تليها أي السبابة للحديث روايتنا السادسة عشرة -وهي كراهة تنزيه. اهـ
١٥ - وفي الأحاديث جواز نقش الخاتم، فعن الحسن والحسين: لا بأس بنقش ذكر الله على الخاتم قال النووي: وهو قول الجمهور، ونقل عن ابن سيرين وبعض أهل العلم كراهته، وقد أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن سيرين أنه لم يكن يرى بأساً أن يكتب الرجل في خاتمه: حسبي الله، ونحوها، فهذا يدل على أن الكراهة عنه لم تثبت، ويمكن الجمع بأن الكراهة حيث يخاف عليه حمله للجنب والحائض والاستنجاء بالكف التي هو فيها، والجواز حيث حصل الأمن من ذلك، فلا تكون الكراهة لذلك، بل من جهة ما يعرض لذلك.