(وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة) في الرواية الثالثة: "وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة" وقد قيل: إن تقييد الصلاة بالمكتوبة لاتباع القرآن في قوله تعالى: {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} [النساء: ١٠٣] وتقييد الزكاة بالمفروضة للاحتراز من صدقة التطوع.
(وتصل الرحم) رحم الإنسان قرابته، وصلتهم مواساتهم والإحسان إليهم، وفي الرواية الثانية "وتصل ذا رحمك" فـ "ذا" بمعنى صاحب مفعول "تصل".
(دع الناقة) أمر بترك خطام الناقة أو زمامها حيث قد أجيب.
(إن تمسك بما أمر به) جاءت هذه العبارة في الرواية الثانية، و"ما" موصولة و"أمر" مبني للمجهول و"به" جار ومجرور. وضبطه بعضهم "بما أمرته" بالفعل المبني للمعلوم وبتاء الفاعل بدل حرف الجر، قال النووي: وكلاهما صحيح.
-[فقه الحديث]-
في الحديث ستة إشكالات وجوابها:
الأول: لم يذكر الصوم في الروايتين الأولى والثانية، وذكر في الرواية الثالثة ولم يذكر فيها صلة الرحم، فما وجه التوفيق؟
وأجيب بأن اختلاف الأحاديث بالزيادة والنقصان إنما هو من تقصير الرواة واختلافهم في الحفظ والضبط، ويدفع العيني اتهام الرواة بالتقصير وضعف الحفظ، ويرجع الاختلاف إلى اجتهاد الرواة وتحديثهم حسبما يقتضيه المقام باختلاف الموقع واختلاف الزمان، وهو توجيه حسن.
الثاني: لماذا لم يذكر الحج في جميع روايات هذا الحديث؟
وأجيب باحتمال أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكره واختصر بفعل الرواة.
والصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكره، لأن الرجل كان حاجا وكان واقفا في عرفات.
الثالث: اختلفت إجابات الرسول صلى الله عليه وسلم عن صالح الأعمال وما يقرب من الله، فما وجه التوفيق بينها؟ .
وأجيب بأنه صلى الله عليه وسلم كان يخص بعض السائلين ببعض خصال الخير نظرا لاختلاف أحوالهم، فكان يأمرهم بما هو المهم بالنسبة إلى كل منهم، إما لمشقة المأمور به عليهم، أو لتهاونهم في أمره، وكأنه صلى الله عليه وسلم علم بالوحي أن هذا الأعرابي مقصر في صلة الرحم فأمره بها.
الرابع: كيف ساغ للرسول صلى الله عليه وسلم أن يحكم على هذا الرجل بأنه من أهل الجنة، حيث قال في الرواية الثالثة "من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا"، مع أنه قد لا يفي بوعده؟