للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعقبه الحافظ ابن حجر، فقال: فيما نقله النووي مؤاخذات. منها أن ابن العربي من المالكية نقل أن الصورة إذا كان لها ظل حرم بالإجماع سواء كانت مما يمتهن أو لا، وحكى القرطبي في المفهم في الصور التي لا تتخذ للإبقاء -كالفخار- قولين: أظهرهما المنع. قال الحافظ ابن حجر: وهل يلتحق بالفخار ما يصنع من الحلوى؟ محل نأمل، وصحح ابن العربي أن الصورة التي لا ظل لها إذا بقيت على هيئتها حرمت، سواء كانت مما يمتهن أم لا، وإن قطع رأسها، أو فرقت هيئتها جاز، قال: وهذا مذهب منقول عن الزهري، وقواه النووي، ومنها أن إمام الحرمين نقل وجهاً أن الذي يرخص فيه مما لا ظل له ما كان على ستر أو وسادة، وأما ما كان على الجدار والسقف فيمنع، والمعنى فيه أنه بذلك يصير مرتفعاً، فيخرج عن هيئة الامتهان، بخلاف الثوب، فإنه بصدد أن يمتهن، ونقل الرافعي عن الجمهور أن الصورة إذا قطع رأسها ارتفع المانع، وقال المتولي في التتمة: لا فرق. ومنها أن مذهب الحنابلة جواز الصورة في الثوب، ولو كان معلقاً، لكن إن ستر به الجدار منع عندهم.

ثم دافع الحافظ ابن حجر عن القاسم بن محمد، فقال: في إطلاق النووي على مذهب القاسم أنه باطل نظر، إذ يحتمل أنه تمسك في ذلك بعموم قوله "إلا رقماً في ثوب" فإنه أعم من أن يكون معلقاً أو مفروشاً، وكأنه جعل إنكار النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة تعليق الستر المذكور مركباً من كونه مصوراً، ومن كونه ساتراً للجدار، فقوله "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" يدل على أنه كره ستر الجدار بالثوب المصور، فلا يساويه الثوب الممتهن ولو كانت فيه صورة، وكذلك الثوب الذي لا يستر به الجدار، والقاسم بن محمد أحد فقهاء المدينة، وكان من أفضل أهل زمانه، وهو الذي روى حديث النمرقة، فلولا أنه فهم الرخصة في مثل الحجلة ما استجاز استعمالها. لكن الجمع بين الأحاديث الواردة في ذلك يدل على أنه مذهب مرجوح، وأن الذي رخص فيه من ذلك ما يمتهن، لا ما كان منصوباً. اهـ

وحاصل الأقوال في هذه المسألة:

١ - أن النهي في الصورة على العموم، واستعمال ما فيه صورة أيا كان ممنوع، سواء كانت رقماً في ثوب أو غير رقم، وسواء كانت في ثوب أو بساط، ممتهن أو غير ممتهن، حتى تماثيل لعب البنات حرام، ودخول البيت الذي فيه الصور بجميع أنواعها حرام، حالة واحدة مستثناة، هي إذا فرقت الصورة، فلم تكن على هيئة يصح بها الحياة، كأن قطعت رأسها، أو فرقت أجزاؤها، وهذا مذهب منقول عن الزهري، وصححه ابن العربي، وقواه النووي.

٢ - التفريق بين ما له ظل، كالتماثيل المجسمة، وما ليس له ظل، فما كان له ظل حرام بدون استثناء، ولا بأس بالصور التي لا ظل لها، بدون استثناء.

٣ - كالسابق، لكن يستثنى مما له ظل لعب البنات.

٤ - كالسابق، لكن يستثنى مما له ظل ما لا يتخذ للإبقاء، كالمصنوع من الفخار، يلحق به المصنوع من الحلوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>