للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(إلا قطعت) استثناء من عموم الأحوال، لا تبقوا قلادة في عنق البعير على حال من الأحوال إلا مقطوعة مفصولة عن عنقه.

(نهى عن الضرب في الوجه، وعن الوسم في الوجه) قال أهل اللغة: الوسم أثر كية، يقال: بعير موسوم، وقد وسمه، يسمه، وسماً وسمة، والميسم الشيء الذي يوسم به، وهو بكسر الميم وفتح السين، وجمعه مياسم ومواسم، وأصله كله من السمة، وهي العلامة، ومنه موسم الحج، أي معلم جمع الناس، وفلان موسم بالخير، وعليه سمة الخير، أي علامته، وتوسمت فيه كذا، أي رأيت فيه علامته، والمراد بالوسم هنا أن يعلم الشيء بشيء يؤثر فيه تأثيراً بالغاً، وأصله أن يجعل في البهيمة علامة تميزها عن غيرها.

قال النووي: الوسم بالسين المهملة. هذا هو الصحيح المعروف في الروايات وكتب الحديث. قال القاضي: ضبطناه بالمهملة. قال: وبعضهم يقوله بالمهملة وبالمعجمة -أي بالسين والشين- وبعضهم فرق، فقال بالمهملة في الوجه، والمعجمة في سائر الجسد.

(قال: فوالله ما أسمه إلا في أقصى شيء من الوجه) ظاهر هذه الرواية أن القائل هو ابن عباس، لكن صرح في سنن أبي داود وفي رواية للبخاري في تاريخه أن القائل هو العباس بن عبد المطلب، قال النووي: وحينئذ يجوز أن تكون القضية جرت للعباس، ولابنه. قال القاضي عياض: ورواية مسلم توهم أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ورد عليه النووي بأن رواية مسلم لا توهم ذلك.

(فأمر بحمار له، فكوى في جاعرتيه) الجاعرتان هما حرفا الورك، المشرفان مما يلي الوبر، فقوله "أقصى شيء من الوجه" ليس معناه أقصى جزء من أجزاء الوجه، بل معناه أبعد جزء عن الوجه من جسم الدابة، والورك بعيد عن الوجه، فهذا أمام، وذاك خلف.

(عن أنس. لما ولدت أم سليم) وهي أم أنس، وفي الرواية السادسة عن أنس "أن أمه حين ولدت" وكانت أم سليم قد تزوجت في الجاهلية مالك بن النضر، فولدت أنساً في الجاهلية، وأسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار، فغضب زوجها مالك لإسلامها، وخرج إلى الشام، ومات هناك، فتزوجت أبا طلحة، وعن أنس أن أبا طلحة خطب أم سليم قبل أن يسلم، فقالت: يا أبا طلحة، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده، نبت من الأرض؟ قال: بلى. قالت: أفلا تستحي أن تعبد شجرة؟ إني قد آمنت بهذا الرجل، وشهدت بأنه رسول الله، فإن تابعتني تزوجتك، فإني لا أريد منك صداقاً غير أن تسلم، قال: حتى أنظر في أمري، فذهب، ثم جاء، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. فقالت يا أنس، زوج أمك أبا طلحة، فزوجها، كان ذلك قبيل الهجرة، ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قالت: يا رسول الله، هذا أنس يخدمك، وكان حينئذ ابن عشر سنين، فخدم النبي صلى الله عليه وسلم منذ قدم المدينة حتى مات، فاشتهر بخادم النبي صلى الله عليه وسلم.

وأم سليم صاحبة القصة المشهورة المخرجة في الصحيح، وأنها ولدت ولداً لأبي طلحة، فمرض الولد، فمات، فقالت لمن معها في البيت: لا يذكر أحد لأبي طلحة حين يعود أن ابنه مات، فلما جاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>