للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صحيح، وأخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح "أحب الأسماء إليه أسماء الأنبياء" ثم ذكر فيه أحد عشر حديثاً، موصولة، ومعلقة. قال القاضي: وقد كره بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة، وهو قول الحارث بن مسكين، قال: وكره مالك التسمي بجبريل ويس، وقال ابن بطال -بعد أن ذكر أحاديث إبراهيم ابن النبي -عليه الصلاة والسلام- وغيرها -في هذه الأحاديث جواز التسمية بأسماء الأنبياء، وإنما كره عمر ذلك، لئلا يسب أحد المسمى بذلك، فأراد تعظيم الاسم، لئلا يبتذل في ذلك، وهو قصد حسن، وقال الطبري: يقال إن طلحة قال للزبير: أسماء أبنائي أسماء الأنبياء، وأسماء أبنائك أسماء الشهداء. فقال الزبير: أنا أرجو أن يكون أبنائي شهداء، وأنت لا ترجو أن يكون أبناؤك أنبياء، فأشار إلى أن الذي فعله أولى من الذي فعله طلحة.

٧ - ومن الرواية الرابعة عشرة، وتغييره صلى الله عليه وسلم اسم "عاصية" إلى "جميلة" استحباب تحويل الاسم المكروه والقبيح إلى حسن، وقد أخرج ابن أبي شيبة "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع الاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه" وحول صلى الله عليه وسلم اسم "العاصي" بن الأسود العدوي، إلى "مطيع" وحول اسم "شهاب" بن عامر الأنصاري إلى "هشام" وحول اسم "حرب" بن علي إلى "الحسن"، وحول اسم "حباب" بن عبد الله بن أبي، إلى "عبد الله" وحول اسم "عتلة" بن عبد السلمي، إلى "عتبة" وحول اسم "غراب" أبو زيطة إلى "مسلم" وغير هؤلاء كثير. قال ابن جرير الطبري: وليس ما غير رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك على وجه المنع من التسمي بها، بل على وجه الاختيار، ويدل عليه أنه صلى الله عليه وسلم لم يلزم "حزناً" لما امتنع من تحويل اسمه إلى "سهل" بذلك، ولو كان ذلك لازماً لما أقره على قوله "لا أغير اسماً سمانيه أبي". اهـ

وحديث "حزن" الذي يشير إليه الطبري أخرجه البخاري، "عن سعيد بن المسيب قال: إن جده "حزناً" قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما اسمك؟ قال: اسمي حزن. قال: بل أنت سهل، قال: ما أنا بمغير اسماً سمانيه أبي. قال ابن المسيب: فمازالت فينا الحزونة بعد" والحزن ما غلظ من الأرض، ضد السهل، وفي الخلق الغلظة والقساوة.

٨ - ويؤخذ منه استحباب الأسماء الحسنة عند التسمية، وقد ورد الأمر بتحسين الأسماء، فيما أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان، من حديث أبي الدرداء، رفعه "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم" ورجاله ثقات، إلا أن في سنده انقطاعاً.

قال الطبري: لا تنبغي التسمية باسم قبيح المعنى، ولا باسم نقيض التزكية له، ولا باسم معناه السب، ولو كانت الأسماء -إنما هي أعلام للأشخاص- لا يقصد بها حقيقة الصفة، لكن وجه الكراهة أن يسمع سامع بالاسم، فيظن أنه صفة للمسمى، وعدم الانبغاء على الاستحسان، فقد أجاز المسلمون أن يسمى الرجل القبيح باسم "حسن" ويسمى الرجل الفاسد باسم "صالح".

٩ - وعن الرواية المتممة للعشرين والواحدة والعشرين قال النووي: اعلم أن التسمي بهذا الاسم حرام، وكذلك التسمي بأسماء الله تعالى، المختصة به، كالرحمن، والقدوس، والمهيمن، وخالق الخلق، ونحوها.

<<  <  ج: ص:  >  >>