بالدفاع عنهم وإزالتها فقال: إن الأنبياء لا يقع منهم شك في إحياء الموتى، وإذا كنتم تعلمون أنني لم أشك فإبراهيم عليه السلام لم يشك لأنه أبو الأنبياء، ورأس أولي العزم، ولكنه طلب رؤية كيفية إحياء الموتى، شوقا لرؤية هذا الأمر الغريب، ونحن أولى بهذا الشوق منه، ونتمنى أن نراه، ولكننا لا نطلبه.
وأما لوط رحمه الله - فقد كان يأوي ويلجأ في محنته إلى الله تعالى، على عكس ما فهمتم، فإن قوله:{لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد}[هود: ٨٠]، قصد به الاعتذار لضيفه في أنه يجب حمايتهم بكل ما يملك، لكنه في قرارة نفسه كان معتمدا على الركن المتين، الذي لا ركن بعده وهو الله تعالى.
وأما يوسف فلم يكن يتشوف للخروج من السجن بأي ثمن، بدليل أنه فعل ما لم يفعله أحد، فإنه حين جاءه الرسول يطلب خروجه لم يبادر بالخروج وإنما قال له: ارجع إلى ربك فأثبت براءتي أولا، ولو أني مكانه لأسرعت بالخروج، ولأجبت الداعي، ثم طلبت بعد ذلك إثبات براءتي، فرضي الله عن الأنبياء أجمعين، ورضوا عنه، وصلى الله وسلم عليهم ومن اتبع هداهم إلى يوم الدين.
-[المباحث العربية]-
(نحن أحق بالشك من إبراهيم) ضمير نحن للرسول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، أو له صلى الله عليه وسلم وللأنبياء من قبله، أي نحن معشر الأنبياء، ويبعد أن يكون له صلى الله عليه وسلم على جهة تعظيم نفسه، والشك في الأصل: هو التوقف بين الأمرين من غير ترجيح النفي أو الإثبات، أي من غير مزية لأحد الأمرين على الآخر، وسيأتي توضيح المراد في فقه الحديث.
(كيف تحيي الموتى؟ )"كيف" اسم استفهام حال، والجملة في محل النصب، مفعول ثاني لأرني.
(أولم تؤمن) معمول "تؤمن" محذوف، أي أولم تؤمن بالإحياء؟ أو أولم تؤمن بكيفية الإحياء؟ والأول هو الظاهر، والاستفهام للتقرير، وهو حمل المخاطب على الإقرار بمضمون الجملة إثباتا أو نفيا، والمعنى هنا: أقر بأنك مؤمن.
(قال: بلى)"بلى" حرف جواب، وتختص بالنفي، وتفيد إبطاله، أي أنا مؤمن، أجرى النحويون النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى، ولذلك قال ابن عباس وغيره في تفسير قوله تعالى:{ألست بربكم}[الأعراف: ١٧٢] لو قالوا: نعم لكفروا، ووجهه أن (نعم) تصديق للخبر بنفي أو إيجاب.